للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُرْفٌ شَرْعِيٌّ وَكَانَ لَهُ عُرْفٌ فِي الْعَادَةِ، كَالرَّاوَيَةِ وَالظَّعِيْنَةِ، حُمِلَتْ يَمِيْنُهُ عَلَيْهِ (١)،

ــ

=الصحة، لوجود التناقض، لأن قوله: لا أبيع الخمر، كلمة «أبيع» تناقض الخمر، وعلى هذا فنقول: إن باع الخمر فليس ببيع، فمن نظر إلى الصورة حنَّثه، ومن نظر إلى الحقيقة لم يحنثه. والمسألة فيها قولان وعلى المذهب إنه يحنث بصورة العقد (١).

(١) قوله «وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُرْفٌ شَرْعِيٌّ وَكَانَ لَهُ عُرْفٌ فِي الْعَادَةِ، كَالرَّاوَيَةِ وَالظَّعِيْنَةِ، حُمِلَتْ يَمِيْنُهُ عَلَيْهِ»: أي إذا لم يوجد عرف شرعي وهجرت الحقيقة اللغوية، فنرجع إلى العرفي ويتعلق اليمين بالعرف، ويحمل اللفظ على معناه العرفي، حتى وإن كان له في اللغة معنى، ولكنه هجر واشتهر بين الناس المعنى العرفي فإنه يقدم.

إذاً المراتب تُقدم على النحو التالي: الشرع، ثم العرف، ثم اللغة، لأن الناس يعاملون بنياتهم، ولا شك أن العامي إذا أطلق الكلمة فإنما يريد معناها العرفي، فالعامي لأنه لا يعرف اللغة العربية الفصحى، فيكون العرف مقدماً، لأنه هو المنوي ظاهراً، مثاله ما ذكره المؤلف هنا «الرَّاوية»، فهي تطلق في اللغة العربية على التي تحمل الماء، وهي البعير التي يسقى عليها، لكنه في العرف تطلق الرَّاوِية على المَزَادَةِ، وهي عبارة عن جلد يشق، ويؤتى بجلد آخر مثله، ويخاط بعضهما ببعض، فبدل ما كان قربةً واحدة يكون قربتين.


(١) انظر: الشرح الممتع لشيخنا -رحمه الله- (١٥/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>