للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

=ولا لغيره، وقد كان إعطاؤهم في صدر الإسلام في حال قلة المسلمين وكثرة عددهم، وقد أعز الله الإسلام وأهله، واستغنى بهم عن تأليف قلوب الكفار على الإسلام ولم يعطهم الخلفاء الراشدون بعد رسول صلى الله عليه وسلم، فعن عبيدة قال: جاء عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالا: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عندنا أرضاً سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تقطعناها لعلنا نزرعها ونحرثها، فذكر الحديث في الإقطاع وإشهاد عمر رضي الله عنه عليه ومحوه إياه، قال: فقال عمر رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتألفكما والإسلام يومئذ ذليل وأن الله قد أعز الإسلام فاذهبا فاجهدا جهدكما لا أرعى الله عليكما إن رعيتما .. ) (١).

والراجح من القولين: ما ذهب إليه المالكية والحنابلة من جواز إعطاء المؤلفة قلوبهم، وأن حكمهم باق، وقد رجح هذا القول صاحب المغني (٢)، وأجاب على ما قاله الحنفية والشافعية بقوله: (ولنا على جواز الدفع إليهم قول الله تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}، وهذه الآية في سورة براءة، وهي من آخر ما نزل من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة قلوبهم من المشركين والمسلمين، وأعطى أبو بكر عدي بن حاتم، وقد قدم عليه بثلاثمائة جمل من إبل الصدقة، ثلاثين بعيراً، ومخالفة كتاب الله=


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى - كتاب قسم الصدقات - باب سقوط سهم المؤلفة قلوبهم وترك إعطاؤهم عند ظهور الإسلام والاستغناء عن التألف عليه (٧/ ٢٠).
(٢) المغني (٩/ ٣١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>