فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ، اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ؛ لِمَا رَوَى أَبُوْ سَعِيْدٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ قَوْمًا لُدِغَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَأَتَوْا أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوْا: هَلْ فِيْكُمْ مِنْ رَاقٍ، فَقَالُوْا: لا، حَتَّى تَجْعَلُوْا لَنَا شَيْئًا، فَجَعَلُوْا لَهُمْ قَطِيْعًا مِنَ الْغَنَمِ. قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيَرْقِيْ، وَيَتْفُلُ حَتَّى بَرَأَ، فَأَخَذُوْا الْغَنَمَ، وَسَأَلُوْا عَنْ ذلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:«وَمَا يُدْرِيْكُمْ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ خُذُوْا وَاضْرِبُوْا لِيْ مَعَكُمْ بِسَهْمٍ»(١)،
ــ
(١) قوله «فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ، اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ؛ لِمَا رَوَى أَبُوْ سَعِيْدٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ قَوْمًا لُدِغَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَأَتَوْا أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوْا: هَلْ فِيْكُمْ مِنْ رَاقٍ، فَقَالُوْا: لا، حَتَّى تَجْعَلُوْا لَنَا شَيْئًا، فَجَعَلُوْا لَهُمْ قَطِيْعًا مِنَ الْغَنَمِ. قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيَرْقِيْ، وَيَتْفُلُ حَتَّى بَرَأَ، فَأَخَذُوْا الْغَنَمَ، وَسَأَلُوْا عَنْ ذلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «وَمَا يُدْرِيْكُمْ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ خُذُوْا وَاضْرِبُوْا لِيْ مَعَكُمْ بِسَهْمٍ»(١): هذا هو دليل الجعالة، وقد سبق الإشارة إلى أدلة الجعالة من الكتاب والسنة، وفي الحديث بعض الفوائد منها:
١ - مشروعية الجعل، وذلك لقول الصحابة «اجعلوا لنا جعلاً»، فدل على مشروعيته.
٢ - أن الجعل جعل على الشيء الذي يمكن أن يحصل ويمكن أن لا يحصل، وهو المجهول العاقبة المتردد بين الحصول وعدمه كما في البعير الشارد والعبد الآبق واللقطة.
٣ - صحة الجعل بالمشارطة لأن الصحابة رضي الله عنهم امتنعوا وقالوا «حتى تجعلوا لنا جعلاً».
٤ - جواز رقية الكافر، لأنهم رقوا سيد القوم وكان كافراً، فدل على جواز=
(١) أخرجه البخاري - كتاب الطب - باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم (٥٤٠٥).