للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ (١)

ــ

الشرح:

(١) قوله «بَابُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ» أكثر العلماء يسمونه باب سجود السهو أو باب سجدتي السهو. وسجود السهو هو من باب إضافة الشيء إلى سببه، والسهو منه ما هو مذموم ومنه ما هو معفو عنه، فإن عُدِّي بـ «عَنْ» صار مذمومًا؛ لأنه بمعنى الغفلة والترك، كقولنا: سها فلان عن صلاته أي غفل عنها وتركها، كما قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (١) أي غافلون لا يهتمون بها، وإن عُدِّي السهو بـ «فِيْ» صار معفوًا عنه؛ لأنه بمعنى الذهول الناتج عن غير قصد، كقولنا: سها فلان في صلاته، وهذا هو المراد في كلام الفقهاء، والسهو يقع من كل البشر، بل لم يسلم منه نبينا - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مقتضى الطبيعة البشرية.

وقد اختلف الفقهاء في حكم سجود السهو: فالحنفية (٢)، والحنابلة (٣) في المعتمد عندهم أنه واجب، وذهب المالكية (٤)، والشافعية (٥)، والحنابلة (٦) في إحدى الروايتين إلى أنه سنة. والصحيح أنه واجب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيْتُ فَذَكِّرُوْنِيْ، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِيْ صَلاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ» (٧)، ولأنه أيضًا ثابت من =


(١) سورة الماعون: ٤ - ٥.
(٢) الفتاوى الهندية (١/ ١٢٥).
(٣) المغني (٢/ ٤٣٣)، كشاف القناع (١/ ٤٠٨).
(٤) حاشية الدسوقي (١/ ٢٧٣).
(٥) المجموع شرح المهذب (٤/ ٦٨).
(٦) المغني (٢/ ٤٣٣).
(٧) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة - باب التوجه نحو القبلة حيث كان - رقم (٣٨٦)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة - باب السهو في الصلاة والسجود له - رقم (٨٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>