للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَعْلَمُ كَذِبَ نَفْسِهِ، فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِيْ حَقِّهِ (١)، وَمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ لا يَعْلَمَانِ قَدْرَهُ، فَاصْطَلَحَا عَلَيْهِ، جَازَ (٢)

ــ

(١) قوله «فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَعْلَمُ كَذِبَ نَفْسِهِ، فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِيْ حَقِّهِ»: سبق أن قلنا بأن صلح الإنكار يشترط لجوازه أن يكون المدعي معتقداً صدق نفسه، وأن ما ادعاه حق والمدعى عليه يعتقد أنه لا حق عليه، فيتصالحان قطعاً للخصومة والنزاع.

أما إذا كان أحدهما عالماً بكذب نفسه فالصلح باطل في حقه، وما أخذه حرام لأنه من أكل أموال الناس بالباطل.

دليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - «الصُّلْح جَائِز بَيْن الْمُسْلِمِينَ, إِلا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» (١)، هذا فيما بينه وبين الله تعالى، أما ظاهراً فإنهما لو ترافعا إلى القاضي في المحكمة حكم بالصلح، وعلى هذا لا يجوز له أن يتصرف في العين التي أخذها وهو يعتقد أنها ليست له في الواقع.

مثال ذلك: رجل ادعى أن قطعة الأرض هذه له، وهي أرض مشتركة، فأنكر من بيده الأرض ثم اتفقا على الصلح، فأعطى المدعي عشرة آلاف ريال عوضاً عن الأرض.

إن كان المدعي صادقاً والمنكر - المدعى عليه - كاذباً فالأرض حرام على المدعى عليه كالأرض المغصوبة تماماً، وإن كان بالعكس المدعى عليه هو المحق والمدعي هو المبطل فالعوض الذي أخذه عن الأرض حرام.

(٢) قوله «وَمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ لا يَعْلَمَانِ قَدْرَهُ، فَاصْطَلَحَا عَلَيْهِ، جَازَ»:

هذا ما يسمى بالصلح عن المجهول وقد اختلف الفقهاء في هذا النوع من=


(١) سبق تخريجه، ص ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>