للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الرُّجُوْعِ عَنِ الشَّهَادَةِ (١)

ــ

(١) قوله «فَصْلٌ فِي الرُّجُوْعِ عَنِ الشَّهَادَةِ»: الرجوع عن الشهادة: أن يقول الشاهد: رجعت عما شهدت به ونحوه، فلو أنكر شهادته بعد القضاء لا يكون رجوعاً، ولا يصح الرجوع إلا في مجلس القضاء؛ لأنه فسخ للشهادة، فيكون في المكان الذي تعتبر فيه الشهادة، وهو المحكمة، ولأن الرجوع توبة، والتوبة تكون بحسب الجناية السر بالسر، والعلانية بالعلانية، أي إذا كان الذنب سراً فالتوبة سرية، وإن كان علانية فالتوبة علانية.

وإذا لم يصح الرجوع عن الشهادة في غير المحكمة: فلو ادعى المشهود عليه رجوع الشاهدين أو أراد يمينهما أنهما لم يرجعا، لا يحلفان، وكذا لو أقام المشهود عليه بينة على هذا الرجوع، لا تقبل؛ لأنه ادعى رجوعاً باطلاً؛ إذ أنه في غير المحكمة، وإقامة البينة وإلزام اليمين لا تقبل إلا على دعوى صحيحة، بدليل أنه لو أقام البينة أن الشاهد رجع عند قاضي بلدة كذا، وحكم عليه بضمان المال تقبل بينته.

وكذلك لا يصح الرجوع عن الشهادة بعد صدور الحكم من القاضي، وإذا رجع الشهود حينئذ، لم ينتقص الحكم الذي حكم بشهادتهما فيه، ولا يفسخه القاضي باتفاق العلماء، وإذا رجع الشهود قبل صدور الحكم، لم يحكم القاضي بشهادتهما، ويصح رجوعهما حينئذ؛ لأن الشهادة إخبار يحتمل الغلط. وأما الرجوع عن الشهادة: فإنه إذا رجع شهود المال بعد الحكم؛ فإنه لا ينقض؛ لأنه قد تم، ووجب المشهود به للمشهود له، وهما متهمان بإرادة نقض الحكم، فينفذ الحكم، ويلزمهم الضمان؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>