للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

=للخاطب الثاني أن يخطب.

وهناك وجه آخر في هذه المسألة: أنه لا يجوز للإنسان أن يخطب بعد وجود الخطبة من الخاطب الأول إلا أن يجيبوه ويردوا عليه بالنفي، أما إن كانوا في طور البحث فإن هذا من باب تلقي الركبان؛ وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تلقي الركبان، ونهى أن يبيع الرجل على بيع أخيه، وأن يخطب على خطبة أخيه كل ذلك لحِكمٍ المقصود بها إزالة العداوة والشحناء، ومعلوم أن الخاطب الأول لو علم أن الخاطب الثاني خطب وهو يعلم أنه متقدم لخطبتها لغضب لذلك ولحصل من العداوة والبغضاء ما الله به عليم، وهذا هو الراجح.

الحالة الرابعة: أن يجهل الحال، أي أن يجهل الخاطب الثاني الحال، فإن جهل الخاطب الثاني الحال فلا حرج أن يخطب، دليله ما ثبت في أن فاطمة بنت قيس خطبها معاوية بن أَبى سفيان وأَبو جهم بن حذيفة فاستشارت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتَقِهِ وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ لَهُ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» فَكَرِهْتُهُ ثُمَّ قَالَ «انْكِحِي أُسَامَةَ». فَنَكَحْتُهُ فَجَعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ بِهِ (١)، وهذا يدل على أنه لا بأس للخاطب أن يخطب إذا كان يجهل حال وفعل الخاطب الأول.


(١) رواه مسلم - كتاب الطلاق - باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها (٣٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>