كتاب وبل الغمامة في شرح عمدة الفقه لابن قدامة

قوله «لا يقتل حتى يستتاب ثلاثا، فإن تاب، وإلا قتل بالسيف» - ذكر الخلاف في هذه المسألة مع بيان الراجح - ج: 8 - ص: 177

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

=فَاقْتُلُوهُ» (١)، ولم يذكر فيه استتابة، ولحديث أبي موسى -رضي الله عنه- قال: «قَدِمَ عَلَيَّ مُعَاذٌ وَأَنَا بِاليَمَنِ وَرَجُلٌ كَانَ يَهُودِيَّاً فَأَسْلَمَ، فَارْتَدَّ عَنْ الإِسْلامِ، فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ قَالَ: لا أَنْزِلُ عَنْ دَابَّتِي حَتَّى يُقْتَلَ فَقُتِلَ» (٢)، وعنه تجب الاستتابة دون التأجيل (٣).

والأظهر عندي: هو ما ذهب إليه شيخنا (٤) -رحمه الله-: وهو الذي تدل عليه النصوص أنه يقتل لقوله «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (٥)، ولقوله «لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاثٍ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ الْجَمَاعَةَ»، ولأنه كفر وارتد.

فإن رأى الإمام المصلحة في تأجيله واستتابته فعل ذلك؛ لأنه قد يرى المصلحة في هذا، فقد يكون هذا الرجل سيداً في قومه، وقتلُهُ يثير فتنة عظيمة، وقد يكون هذا الرجل يحتاج إليه المسلمون لكونه ماهراً في صناعة شيء ما، أو قائداً محنكاً في الطائرات الحربية، أو ما أشبه ذلك، فيرى الإمام أن يستتاب.

---

(١) سبق تخريجه، ص ١٧٥.
(٢) رواه أبو داود في الحدود - باب الحكم فيمن ارتد (٤٣٥٧)، قال الألباني: صحيح، انظر الإرواء (٨/ ١٢٥).
(٣) الشرح الكبير مع الإنصاف (٢٧/ ١١٧).
(٤) الشرح الممتع (٦/ ١٩٧).
(٥) سبق تخريجه، ص ١٧٥.