وقد روي عنه نصا، وإنما قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنه لا يتوضأ به لأجل أنه أدخل يده فيه، وهو قوله في المدونة: لا يتوضأ بسؤر النصراني ولا بما أدخل يده فيه، يريد أنه لا يتوضأ به وجد غيره أو لم يجده، ويتيمم إن لم يجد سواه، فإن توضأ به في الوجهين أعاد في الوقت. ويحتمل أن يريد أنه لا يتوضأ به مع وجود غيره، فإن توضأ به مع وجود غيره أعاد في الوقت، وإن لم يجد غيره توضأ به على كل حال ولم يتيمم. والتأويل الأول أولى وأظهر على مذهبه في رواية ابن القاسم عنه. ووجهه: أنه حمل يده على النجاسة؛ إذ الأغلب منها أنها لا تنفك عن النجاسة لأنها تجول على جسده وفيه النجاسة، ويباشر أيضا [بها] ، سائر النجاسات التي لا يتوقى منها، فكان كأنه قد أيقن بنجاستها. ووجه التأويل الثاني أنه [لما] ، لم يوقن بنجاسة يده وجب أن لا يتوضأ به مع وجود غيره احتياطا، وأن لا ينتقل عن الوضوء المفروض عليه مع وجوده إلى التيمم إلا بيقين على الأصل في أنه لا تأثير للشك في اليقين. وإلى هذا التأويل ذهب ابن حبيب، ولم ير عليه إعادة إن توضأ به وهو يجد غيره. وأما سؤره من الشراب فمرة قال: لا بأس به، أي لا كراهية في الوضوء به إذا لم يجد غيره، بل واجب عليه أن يتوضأ به ولا يتركه ويتيمم، ولا إعادة عليه إن توضأ به وهو يجد غيره، وهو قول ابن عبد الحكم، ومرة كرهه؛ أي كره الوضوء به إن وجد سواه، فإن توضأ به وهو يجد سواه أعاد في الوقت، وإن لم يجد سواه توضأ به ولم يتيمم. وعلى مذهبه في المدونة في مساواته بينه وبين ما أدخل فيه يده لا يتوضأ به، وجد سواه أو لم يجد، ويتيمم إن لم يجد سواه، فإن توضأ به في الوجهين أعاد في الوقت، وهو قول سحنون؛ لأن في قوله إذا أمنت أن يشرب خمرا أو يأكل خنزيرا فلا بأس أن يتوضأ به كان لضرورة أو لغير ضرورة، دليلا على أنه إذا لم يأمن ذلك فلا يتوضأ به كان