قال محمد بن رشد: المعنى في هذا والله أعلم أنه أراد لو ذهب المراءون بإظهار الإيمان واعتقاد الكفر؛ لأن الغالب في الناس الرياء، وأما اعتقاد الكفر فليس بغالب في الناس، بل هو الأقل منهم، وإنما أراد الحسن بقوله هذا التحذير من الرياء والله أعلم.
[قول الله تعالى وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ]
وسئل عن تفسير هذه الآية:{وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}[مريم: ٣١] قال: ما أبينها لأهل القدر، أخبر بما هو كائن من أمره حتى يموت.
قال محمد بن رشد: قوله ما أبينها لأهل القدر معناه ما أبينها لهم لو وفقوا في الاهتداء بها. وما أبينها لنا في الرد عليهم؛ لأن من جعله الله مباركا حتى يموت، فقد قدر عليه بأعمال السعادة حتى يموت، ومن جعله شقيا فقد قدر عليه بأعمال أهل الشقاء حتى يموت عليها.
فالخير والشر بقضاء الله وإرادته، وقدره على العبد لا خروج له عما قدره الله عليه من ذلك وأراده، وهو مأمور بالخير ومنهي عن الشر، وإن كان الله قد قدره عليه فهو يعاقبه على ما له فيه من الكسب بمخالفة أمر الله فيما اكتسبه من الإثم.
فالله عز وجل مريد لكل ما يكون من عبده من طاعة أو معصية تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد؛ فيلحقه العجز والنقص وذلك بين في الحجة من قول عمر بن الخطاب، وبالله التوفيق.