[مسألة: يقطع من ماله قطعة قبل أن يحول عليها الحول]
مسألة وسئل: عن الذي يقطع من ماله قطعة قبل أن يحول عليها الحول، فيبعث بها إلى مصر يبتاع بها طعاما يريد أكله، لا يريد بيعا؛ فيحول عليه الحول قبل أن يشتري بها، قال: أرى فيه الزكاة؛ فقيل: إنه قد بعث بها وخرجت من يده بيعا، فقال: ما أرى الزكاة إلا عليه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن العين في عينه الزكاة وليس مما يقتنى للانتفاع بعينه، فلا تأثير لما نواه من صرفه إلى قوته في إسقاط الزكاة منه، ولا يدخل في هذا الاختلاف الذي مضى في رسم "تأخير صلاة العشاء" من سماع ابن القاسم في الذي يشتري الحلي فيريد أن يحبسه حتى يصدقه امرأة يتزوجها؛ لأن الحلي يصلح اقتناؤه للانتفاع بعينه، بخلاف العين.
وقال ابن نافع في المجموعة: وإن جاءه الطعام وهو كثير لا ينفقه في مثل خمس سنين وشبه ذلك، فإنه إذا باع الحول ما يجاوز قوت مثله، زكى ثمنه، وقوله صحيح؛ ووجهه أنه إذا كان الطعام كثيرا، فقد علم أنه لم يشتره كله لقوته، وإنما أراد أن يتقوت ببعضه ويبيع بعضه؛ فإذا باع بعد الحول ما تجاوز قوت مثله أي من الأعوام، إذ من الناس من يتقوت لعام واحد، ومنهم من يتقوت لعامين، ومنهم من يتقوت للأعوام، وذلك على قدر اليسار والجدة، وما يتمكن من شراء الطعام، ويخاف من غلائه؛ وإنما ذكر الخمس سنين؛ لأنه يبعد عنده أن يتقوت أحد إلى خمس سنين، ولعل الطعام في ذلك البلد يسرع إليه الفساد قبل خمس سنين، فيعلم أنه لم يشتر جملته للقوت - والله أعلم.