هو مثل قوله في أول سماع أشهب خلاف قول ابن الماجشون وقول سحنون في المدونة من أنه ليس ببيع فاسد، وإنما هو سلف جر منفعة حسبما مضى القول فيه في سماع أشهب المذكور. وقد اختلف قول ابن القاسم في طول الزمان بالدهور هل هو فوت في الأرضين والدور، والقولان له في كتاب الشفعة من المدونة، نص في موضع منها أن طول الزمان فيها فوت، وقال في موضع آخر: إن السنتين والثلاث ليس فيها بفوت، فدل ذلك من قوله أن الزمان الطويل فيها فوت، فعلى هذا يكون قول أصبغ في هذه الرواية مفسرا لقول ابن القاسم ومبينا له كما ذهب إليه أصبغ، وله في موضع آخر منه أن تغير البنيان من غير هدم ليس بفوت، قال ذلك على أن طول الزمان بالدهور التي يتغير فيها البنيان ليس بفوت، فعلى هذا يكون قول أصبغ خلافا لقول ابن القاسم. وأما حوالة الأسواق فلم يختلف قوله في أنه ليس بفوت في الأرضين والدور، وأشهب يراه فوتا فيها، ووجه قول ابن القاسم أن الرباع والعقار لا يراد بها الأرباح وإنما تشترى للقنية فلا يفيتها حوالة الأسواق، ووجه قول أشهب أنه وإن كان الأغلب فيها أنها إنما تشترى للقنية فقد تشترى للربح وطلب الفضل، فوجب أن يراعى ذلك في البيع الفاسد وشبهه.
[مسألة: يبيع الدور ويستثني سكناها سنة فانهدمت الدار قبل أن تمضي السنة]
مسألة قال أصبغ: سمعت ابن القاسم يقول في الذي يبيع الدور ويستثني سكناها سنة فانهدمت الدار قبل أن تمضي السنة إنها من المبتاع، ولا يرجع البائع بشيء مما بقي له من السكنى.
قال محمد بن رشد: قوله إن مصيبة الدار إذا انهدمت قبل تمام السنة من المشتري ولا رجوع للبائع عليه بشيء فيما بقي له من الأمد الذي استثنى هو مثل ما تقدم من قوله في نوازل سحنون، وقد مضى القول على ذلك هناك فلا معنى لإعادته، وستأتي المسألة أيضا متكررة بعد هذا.