عند الناس وأخذه مع الشعير في صفقة واحدة عن القمح، فإما أن يقال إن ذلك جائز؛ لأنهما جميعا أدنى من القمح- وإن كان إنما رضي أن يأخذ أحدهما لحاجته إلى الآخر، وإما أن يقال إن ذلك لا يجوز بحال؛ لأن الدقيق والشعير وإن كان كل واحد منهما أدنى من القمح، فقد يقل الشعير ويتعذر الطحين، فيكون كل واحد منهما أكثر ثمنا من القمح، فيتهمان على أنه إنما رضي أن يأخذهما وإن كانا جميعا أقل قيمة من القمح، لما رجاه من نفاق أحدهما وزيادة قيمته على القمح؛ وقد مضت هذه المسألة والقول فيها مستوفى في رسم أوصى، فلا معنى لإعادته.
[سلف ثوبا ودينارا في ثوب مثله إلى أجل]
ومن كتاب أوله أسلم وله بنون صغار وسئل ابن القاسم عن رجل سلف ثوبا ودينارا في ثوب مثله إلى أجل، فقال: إذا تأخر أحد الثوبين فلا خير فيه، تأخر الدينار أو انتقد.
قال محمد بن رشد: لم يجز أن يسلم الرجل الدينار وثوبا في ثوب مثله إلى أجل؛ لأنهما لما فعلا ذلك ابتداء، علم أنه إنما قصدا إلى أن يحرز الثوب. في ضمانه بدينار يدفعه إليه ثمنا لضمان الثوب، وذلك مما لا يحل ولا يجوز؛ ولو باع رجل من رجل دابة بثوب موصوف إلى أجل، ثم اشتراها منه بثوب مثله نقدا ودينارا نقدا لجاز ذلك؛ إذ لا يتهم أحد أن يدفع دينارا وثوبا في ثوب مثله إلى أجل، وإن كان لا يجوز أن يسلم الرجل إلى الرجل ثوبا ودينارا في ثوب مثله إلى أجل، للعلة التي ذكرناها فقف على ذلك ودبره، والله تعالى ولي التوفيق.