من الأجرة إلّا إذا أشبه قولهُ من أجل أنه بائع لعمله، ولما أدخله من الصنعة؛ إذ لو صحت هذه العلةُ لَوَجَبَ أن يكون القولُ قولَ بائع الثوب في ثمنه إذا أشبه قولُهُ، وهذا ما لا يصح، وإنما كان القول قول الصانع في مبلغ الأجرة من أجل أن الشيء المصنوع كالرهن في يده بما يدعي من الأجرة في عمله، ولو اختلفا في الأجرة بعد دفع الشيء المصنوع إلى ربه لكان القولُ قولَ رب الثوب؛ إذ لم يبق بيد الصانع ما يشهد له على ما يدعي من الأجرة، وأما العامل في القراض فالقولُ قولُهُ فيما يُقِرّ به لصاحب المال إذا أشبه؛ فإن لم يشبه كان القول قول رب المال إذا أشبه أيضا، فإن لم يشبه حلفا جميعا وكان له قراض مثله، وإن نكل أحدهما وحلف الآخر وقد أتيا جميعا بما لا يشبه كان القولُ قولَ الحالف منهما على ما ادعاه، وإن لم يشبه؛ لأن صاحبه قد أمكنه من جميع دعواه بنكوله، وكذلك أن أتَى أحدُهُما بما يشبه كان القول قولَ الذي أتى منهما بما لا يشبه، فإن نكل عن اليمين أيضاَ كان القول قول الذي أتى بما يشبه دون يمين، فإن أتيا جميعا بما يشبه ونكلا عن اليمين كان للعامل ما ادعاه دون يمين، وإن نَكَلَا جميعا إذا أتيا بما لا يشبه كان له قراض مثله كما إذا حلفا، فهذا وجه الأيمان فيما بينهما في هذه المسألة على معنى ما وصفه في صدر الكتاب في المسألة الأولى؛ لأن ذلك إنما يكون إذا لم تكن لهما بينة أو كانت لكل واحد منهما بينة فتكافأتا في العدالة فسقطتا، وأما إذا لم تتكافيا فالأيمان بينهما؛ لأن الحكم أن يقضى بالأعدل منهما. فقوله: وإن لم تتكافيا لفظ وقع على غير تحصيل، وبالله التوفيق.
[مسألة: القول قول العامل إذا اختلف مع رب المال]
مسألة قيل له: فإن دفع إلى رجلين مالا قراضا فعملا بالمال ثم أتيا ومعهما مائتا دينار فقال أحدهما: رأس ماله مائة دينار والربح مائة، وكذَّبه رب المال وقال الآخر: رأسُ المال مائتان وصدَّقه رب