قال محمد بن رشد: جعلها بمنزلة ما لو تزوجت بعد أن رجعت إلى بلادها ولم تطف طواف الإفاضة، أو قد بقي عليها منه شوط، وهو بعيد؛ لأن التي تزوجت قبل طواف الإفاضة أو قبل تمامه تزوجت قبل أن تخرج من إحرامها، إذ عليها أن ترجع على ما بقي من إحرامها بغير تجديد إحرام حتى تطوف أو تتم طوافها، وهذه التي وطئت قبل الإفاضة قد حلت بالإفاضة، وإنما عليها الهدي لا غير في قول جل أهل العلم، ومالك يرى عليها أن تعتمر مع ذلك بإحرام تجدده لها، فهي قبل أن تجدده لها قد حلت؛ إذ لو كانت لم تحل من إحرامها بالحج لما ارتدفت عليها العمرة، فإذا كانت قد حلت فإنما نكحت وهي حلال، فينبغي ألا يفسخ النكاح، ويلزم على قياس قوله إذا فسخ النكاح أن يلزمها أداء ما قتلت من الصيد وهو بعيد، وفي كتاب ابن المواز لابن القاسم في المرأة تمشي بعض طواف الإفاضة حتى ترجع إلى بلدها وتتزوج ويدخل بها زوجها ويطأها؛ أن النكاح يفسخ، ويكون له صداقها المسمى بالمسيس، وتعتد من وطئه بثلاث حيض، وترجع على إحرامها حتى تتم طواف الإفاضة ثم تعتمر وتهدي، فإن تزوجها في الثلاث حيض لم تحل له أبدا، ووقف محمد عن تحريمها عليه أبدا، قال: ولو تزوجها غيره في عدة النكاح المفسوخ لحرمت عليه أبدا، ففسخ النكاح في هذه المسألة بين على ما ذكرنا، لا في مسألة الكتاب.
[مسألة: المرأة تنسى التقصير في الحج أو تجهله حتى تنصرف وتقيم السنين]
مسألة وقال في المرأة تنسى التقصير أو تجهله حتى تنصرف وتقيم السنين، قال مالك: أرى أن تأمر بعض من يحج أو يعتمر أن يشتري لها شاة من الحل، فيسوقها إلى الحرم حتى يدخل بها مكة، فيذبحها عنها، وتقصر وهي في بلادها.