وهما غير طاهرتين، ولا يصلي بتيمم واحد إلا صلاة واحدة. قال سحنون: لا يمسح عليهما، لبسهما قبل الصلاة أو بعد الصلاة.
قال محمد بن رشد: أما على مذهب من يرى أن التيمم يرفع الحدث، وهو قول سعيد بن المسيب وابن شهاب، فالمسح جائز لبسهما قبل الصلاة أو بعد الصلاة؛ لأن التيمم عنده بدل من الوضوء، وأما على مذهب من يرى أن التيمم لا يستباح به إلا صلاة الفريضة، وهو مذهب عبد العزيز بن أبي سلمة، فلا يجوز المسح عليهما لبسهما قبل الصلاة أو بعد الصلاة؛ لأن التيمم عنده استباحة للصلاة خوف ذهاب الوقت، فلا مدخل في ذلك للمسح على الخفين.
وأما على قول مالك الذي يرى أن التيمم لا يرفع الحدث إلا أنه يستباح به جميع ما يمنع منه الحدث من الفريضة والنافلة ومس المصحف وسجدة التلاوة، فالأظهر على مذهبه إجازة المسح على الخفين إن لبسهما قبل الصلاة كما قال أصبغ، وهو ظاهر ما في المدونة، خلاف قول سحنون؛ لأن الصحيح أن التيمم على مذهبه بدل من الوضوء، وإن كان لا يستباح به إلا صلاة واحدة؛ لأن ذلك كان الأصل فيه، وفي الوضوء بظاهر قول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}[المائدة: ٦] الآية، فخرج من ذلك الوضوء بصلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم فتح مكة صلوات بوضوء واحد، وبقي التيمم على الأصل، فلم يقس على الوضوء، إذ لا يقوى البدل قوة المبدل منه، وهذا بين لمن تأمله ووقف على معناه، وبالله التوفيق.
[مسألة: مسافر بينه وبين الماء ميلان هل يعدل عن طريقه إلى الماء]
مسألة وسئل سحنون عن مسافر بينه وبين الماء ميلان، هل يعدل عن طريقه إلى الماء؟ فقال: أهو في خوف؟ فقال السائل: لا، ولكنه يشق عليه، قال: أما الميلان فأراه كثيرا، وليس عليه أن يعدل عن طريقه. قيل له: فلو خرج عن قريته إلى قرية بعيدة منه، إلا أنه ليس