في أول طعام أهل الجنة قال: وسمعت مالكا يحدث أنه يقال: أول ما ينزله أهل الجنة بلام ونون، قال: يلبث الثور نافشا في الجنة يأكل من ثمرة الجنة، فإذا أضحى ذكاه الحوت بذنبه فأكلوا منه، ويظل الحوت يسبح في أنهار الجنة يأكل من ثمار الجنة، فإذا أمسى نهره الثور بقرنه فأكلوا من لحمه.
قال محمد بن رشد: البلام الثور، والنون الحوت، قال الله عز وجل:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا}[الأنبياء: ٨٧] ، وقال في موضع آخر:{كَصَاحِبِ الْحُوتِ}[القلم: ٤٨] ، فبان أن النون هو الحوت، والمعنى في هذا الحديث إن صح: أن الله يعيد الثور بعد أن ذكاه الحوت فأكلوا منه حيا كما كان، فينهر الحوت بقرنه فيأكلوا منه، ويحتمل أن يكون النون الذي ينهر الحوت غير الذي ذكاه الحوت فأكلوا منه، لا ذلك الثور بعينه؛ لأن الألف واللام في قوله "يلبث الثور" قد تكون للعهد وقد تكون للجنس، والنفش الرعي بالليل، قال الله عز وجل:{إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}[الأنبياء: ٧٨] والجنة لا ظلام فيها ولا ليل ولا ضحى ولا مسى، روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«الجنة بيضاء تتلألأ، وأهلها بيض، لا ينام أهلها وليس فيها شمس ولا ليل مظلم ولا حر ولا برد يؤذيهم» . وروي عن عبد الله بن أبي أوفى:«أن رجلا قال: يا رسول الله أفي الجنة ليل؟ فقال: "ليس في الجنة ظلمة، إن الليل ظلمة، إن شجرها نور وأنوارها نور وثمرتها نور وخدمها نور» .