ذلك من الاختلاف. وقوله: إنه إن كان عليه دين أكثر من ماله، حاصت المرأة الغرماء بما أنفقت، معناه: من يوم ترفع ذلك، على ما قال ابن القاسم، إذ لا يجوز إقراره لها بالإنفاق من أجل الدين الذي عليه، إذ لا يجوز إقرار المديان لمن يتهم عليه.
ومعناه عندي في الدين المستحدث، على ما قال سحنون. وقد كان بعض الشيوخ يحمل قول سحنون، على أنه خلاف لقول مالك، ويقول لها على ظاهر قول مالك، محاصة الغرماء في الدين القديم؛ لأن للغريم أن ينفق على امرأته ما لم يفلس، وإن أحاط الدين بماله، وليس ذلك عندي بصحيح؛ لأن إنفاقه على امرأته، بخلاف إنفاق امرأته على نفسها ورجوعها عليه بما أنفقت إذ لا يتحقق أنه لم يخلف عندها نفقة، فلعله قد ترك عندها نفقة فجحدت ذلك ورفعت أمرها إلى السلطان، إعدادا ليكون القول قولها، فرجوعها على الزوج بالنفقة التي ادعت، إنما هو دين أوجبه الحكم لها، فيجب ألا يحاص به إلا في الدين المستحدث، كما قال سحنون. ولو كانت نفقتها على نفسها في مغيب زوجها بعد رفعها أمرها إلى السلطان، كنفقته هو عليها لوجب أن يبدأ بها على الغرماء إذ نفقتها هو عليها في حكم المبداة، وهذا بين، وبالله التوفيق لا رب غيره ولا معبود سواه.
[أعتق عبدا له صغيرا وللعبد أم هي أمة الرجل المعتق]
ومن كتاب صلى نهارا وسئل عن رجل أعتق عبدا له صغيرا، وللعبد أم، هي أمة الرجل المعتق، وللغلام جدة حرة، فأرادت الجدة قبضه منه. قال مالك: لا أرى أن يفرق بينه وبين أمه، إلا أن يكون ذلك مضرا به.
قال محمد بن رشد: إنما رأى ألا يفرق بينه وبين أمه، ورآها أحق بحضانته من جدته الحرة؛ لأن سيدها هو الذي ينفق عليه، من أجل أنه أعتقه صغيرا. ألا ترى أن قول مالك وغيره في المدونة وغيرها، أن من أعتق صغيرا وأمه عنده، إنه لا يبيعها إلا ممن يشترط عليه نفقته، ليكون مع أمه في