العلم من ذهب إلى أنه يورث كل واحد منهما من صاحبه فيما كان له من مال، دون ما ورثه عنه، مثال ذلك أن يموت رجل وابنه ولكل واحد منهما ولد، ولا يدرى من مات منهما قبل صاحبه، ويترك كل واحد منهما ستين دينارا، فيورث الأب من ابنه سدس الستين التي ترك عشرة، ويورث الابن من أبيه نصف ما ترك إن لم يكن له إلا أخ واحد- ثلاثين، فيحصل لولد الابن ثمانون دينارا، ولولد الأب أربعون، إذ لا يجعل لواحد منها ميراث فيما ورثه عنه، وهذا هو أحد قولي أبي حنيفة، ومذهب سفيان الثوري، وجماعة سواهما، وفي ذلك بين الصحابة اختلاف أيضا، فلكلا القولين وجه، فوجه القول الأول هو ما تقدم من أنه لا يورث بالشك، ووجه القول الثاني أنه لا يقطع ميراث أحد بشك؛ لأن ميراث أحدهم واجب لصاحبه بلا شك، فلا يقطع ميراث واحد منهما بشك، وبالله التوفيق.
[مسألة: عقب الرجل إنما هو من يرجع نسبه إليه من ولده وولد ولده]
مسألة قال ابن القاسم: وسمعت مالكا يقول: العقب الولد الذكور والإناث من ولد الصلب، وولد ولدهم من الذكور والإناث من ولد الذكور.
قال محمد بن رشد: هذا ما لم يختلف فيه قول مالك، ولا قول أحد من أصحابه المتقدمين، كلهم يقول: إن عقب الرجل إنما هو من يرجع نسبه إليه من ولده وولد ولده- وإن سفلوا، فبنت الرجل من عقبه، وبنت ابنه وبنت ابن ابنه- وإن سفل؛ لأن كل واحدة منهن تنتسب إليه وترثه إذا لم يكن فوقها من يحجبها، وليس ولد بنت الرجل ذكرا كان أو أنثى من عقبه؛ لأنه لا ينتسب إليه ولا يرثه، وإنما هو من عقب بنته، فالأصل في هذا عند مالك