سلف في طعام ثم كره التقاضي فأسلم ذلك برضا صاحب المال، قال: لا بأس بذلك، وهو مثل الموت إذا أسلمه الورثة. أنكرها سحنون.
قال محمد بن رشد: هذا من قول مالك مثل ما يأتي في رسم الشجرة بعد هذا، وإنكار سحنون لجواز هذه المسألة صحيح؛ لأن الورثة لا يلزمهم تقاضي دين القراض ولا تنضيضه، وهو حق لهم إن طلبوه فكان من حقهم أن يسلموه فيكونون بإسلامهم إياه قد وهبوا لرب المال ما عمل موروثهم في المال. فلا معنى في جواز ذلك.
وأما المقارض فتقاضى دين القراض وتنضيضه واجب عليه، لرب المال أن يأخذه به، ويلزمه الاستئجار عليه من ماله إن أبى أن يليه بنفسه كما لا يجوز أن يستأجر على ذلك بنصيبه من الربح.
فكذلك لا يجوز له أن يسلمه إلى رب المال؛ لأنه إذا أسلمه إليه فكأنه قد استأجره على تقاضي الدين وتنضيض المال بالجزء الواجب له من الربح، فالأظهر أنه لا يجوز.
ووجه القول بجوازه أنه إذا أسلمه إليه فقد وهب ما تقدم من عمله فيه، ولم يكن كأنه استأجره عليه بجزء من الربح، إذ لا يلزمه إذا أسلمه تقاضي الدين ولا تنضيض المال؛ لأنه ماله يفعل فيه ما شاء إن شاء تقاضاه وباع الطعام حتى يصير عينا، وإن شاء وهب الدين أو أكل الطعام إذا قبضه ولم يصيره عينا كما دفعه إلى المقارض الذي أسلمه إليه. فعلى هذا أجازه مالك بقوله: وهو مثل الموت إذا أسلمه الورثة.
معناه: هو مثله في أن ذلك جائز وإن كان وجه الجواز في ذلك مختلفا، يجوز في الورثة من أجل أن تنضيض المال لا يلزمهم ويجوز في المقارض من أجل أن رب المال لا يلزمه تنضيض ماله، وبالله التوفيق.
[: من استأجر أجيرا فليعلمه أجره]
ومن كتاب حلف ألا يبيع سلعة وسئل مالك: عن الرجل يدفع إلى الرجل المال القراض فيقيم