فرأى ذلك مالك لها، وجعل التمليك على نيتها في ذلك، ويحتمل أن يكون رأى ذلك هو المعنى المقصود إليه بالإخراج لا نفس الإخراج، فحمل اليمين على ذلك ولم يلتفت إلى اللفظ، وكذلك قال في رسم المحرم من سماع ابن القاسم من كتاب الأيمان بالطلاق، وإن كان تطوع لها باليمين من غير شرط، فيحتمل أيضا أن يكون جعل اليمين على نيتها لأنها هي المحلوف لها، ويحتمل أن يكون راعى المعنى عنده ولم يلتفت إلى اللفظ؛ وفرق في رسم سلف من سماع عيسى، بين أن يتطوع لها في اليمين أو يكون شرطا عليه في أصل عقد النكاح، فقال: إنه إن كان تطوع لها باليمين لم يكن عليه أن يردها، بخلاف إذا شرط ذلك لها فجعل اليمين في الشرط على نيتها، وفي التطوع على نيته، وروى سحنون عن ابن القاسم في رسم سلف المذكور أنه ليس عليه أن يردها، وإن كان ذلك بشرط على ظاهر اللفظ، ووجه ذلك أنه حمل الشرط على ألا يسكن بها في غير المدينة إلا بعد أن ترضى بذلك، فرأى أنه إذا أذنت له أن يخرجها فقد رضيت أن يسكن بها في غيرها ولم يلتفت إلى تماديها على الرضى بذلك، فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها أنه يلزمه أن يردها في الوجهين جميعا، والثاني أنه لا يلزمه أن يردها في الوجهين جميعا، والثالث الفرق بين الشرط والطواعية.
[مسألة: رجل تزوج امرأة وشرط لها إن تسرر عليها فامرأته طالق البتة]
مسألة وسئل مالك عن رجل تزوج امرأة وشرط لها إن تسرر عليها فامرأته طالق البتة فلما حضرته الوفاة قال لابن جارية له: هو ابني، قال مالك: أرى أن يلحق به الولد ويكون للمرأة ميراثها.
قال محمد بن رشد: وهذا بين على ما قال؛ لأن الرجل إذا استلحق ابنا في مرضه لحق به، فيلحق به الولد وتكون أمه أم ولد حرة من رأس المال، ويكون للمرأة ميراثها، لأنه كالمطلق في المرض إذ لم يعلم ما قال إلا بقوله في مرضه الذي مات منه، ولو صح من مرضه لبانت منه بإقراره ولم تحل له إلا بعد زوج، وبالله التوفيق.