[مسألة: الماء الذي ينزل من السماء في كل زمان يستقر بالأرض]
مسألة وسئل عن قول الله عز وجل:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ}[المؤمنون: ١٨] أهو الخريف فيما بلغك؟ فقال: لا والله، بل هذا في الخريف والشتاء في كل شيء ينزل الله من السماء ماء إذا شاء، ثم هو على ذهاب به لقادر.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن ذلك في كل زمن من الأزمان، لا يخص ذلك بالخريف دون غيره؛ لأنه ظاهر من عموم اللفظ، وموجود بالمعنى؛ لأن الماء الذي ينزل من السماء في كل زمان يستقر بالأرض، فمنه ماء العيون والأنهار والآبار، ولو شاء الله لأذهبه فهلك الناس جهدا وعطشا وجوعا؛ إذ لا نبات ولا حياة إلا بالماء، قال الله عز وجل:{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}[الأنبياء: ٣٠] ولا وجه لمن خصص ذلك بالخريف دون غيره من الأزمان، ولعل الذي قال ذلك تأول أن الماء الذي ينزل بالخريف جل المنفعة به إسكانه في الأرض للشرب والسقي عند الحاجة إليه؛ إذ لا يحتاج أكثر الأرض في ذلك الوقت إلى سقي؛ إذ ليس بوقت سقي زرع، وليس ذلك بصحيح، بل ما ينزل من السماء في كل زمان يستقر بالأرض لمنافع الناس، فجميع مياه الأرض من السماء، ويروى أن في الأرض أربعة أنهار من الجنة، وهي: النيل، والفرات، وسيحان، وجيحان، والجنة في السماء، وقد قيل: إن الماء الذي أخبر الله أنه أنزله من السماء فأسكنه في الأرض، هو ماء الأربعة الأنهار التي ورد الخبر فيها أنها من الجنة، وأن المطر النازل في الأرض إنما هو من البحر؛ بدليل قول