يقول: إنه يُتم؛ مراعاة لمن يرى أنه يتم؛ إذ ليس في سفر تقصر في مثله الصلاة، ثم رجع فقال: إنه يقصر حتى يأتي مكة بناء على أصله في أنه من أهل القصر دون مراعاة منه لقول غيره. وكذلك اختلف في ذلك اختيار ابن القاسم، وستأتي هذه المسألة متكررة في رسم "الشريكين" وفي رسم "المحرم " وفي بعض الروايات.
وأما إتمام عثمان، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، بمنى فقد روي أن الناس لما أنكروا عليه الإتمام قال لهم: إني تأهلت بمكة، وقد سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«من تأهل في بلدة فهو من أهلها» ، ولعله تأول أن رسول الله، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، لم يقصر بمنى إلا من أجل أن إقامته بمكة لم تكن إقامة تخرجه عن سفره، ولذلك قصر بمنى. وأما معاوية بن أبي سفيان فالوجه فيما ذكر عنه في هذه الرواية والله أعلم أنه كان مقيما بمكة فقصر بمنى؛ لأنه تأول أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصر بها، وقد كان مقيما بمكة، فلم يزل به مروان حتى صرفه عن تأويله على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان مقيما بمكة إلى أنه إنما قصر، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لأنه لم يكن مقيما بمكة إقامة تخرجه عن سفره.
فالاختلاف هل كان، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، مقيما بمكة قبل خروجه إلى منى أو غير مقيم هو أصل الاختلاف في هذه المسألة، فذهب مالك إلى أنه قصر بمنى وقد كان مقيما، وذهب أهل العراق إلى أنه إنما قصر بمنى من أجل أنه لم يكن مقيما بمكة، وبالله التوفيق.
[مسألة: صلاة النوافل في البيوت]
مسألة وسئل عن الصلاة في النوافل في البيوت أحب إليك أم في المسجد؟ قال: أما في النهار فلم يزل من عمل الناس الصلاة في المسجد يجرون ويصلون، وأما الليل ففي البيوت. وقد كان الرسول، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، يصلي الليل في بيته. وقال مالك: يستحب