مسألة وسألته عن القاضي يأتيه القوم بينهم الخصومة في قسم شيء بينهم فيولي رجلا حساب ذلك بينهم وهو عنده عدل رضى ثقة فيأتيه فيخبره بما صار لكل واحد منهم، أفيجوز له أن يقسم بينهم بقوله؟ أو لا يجوز ذلك حتى يعلم مثل ما علم الحاسب؟ فإن ذلك قد كان عندنا ولم أقبل إلى أن كتبت إليك بأن أكون دفعت شيئا من ذلك بقول أحد من القسام حتى أعلم منه مثل الذي علموا، فإن كان ذلك شيئا لا بد منه صبرت عليه، وإن كان شيئا لي منه سعة فإن ذلك أرفق بي، فقال: اكتب إليه، إنه ليس على القضاة تفتيش مثل هذا ولا علمه، فأرجو أن يكون من مثل هذا في سعة إذا كان الرجل عدلا، وليكن من شأنك أن تدعو الورثة فتأمرهم يرتضون رجلا، فإذا ارتضوه وليته أمرهم يحسب بينهم، فإني قد رأيت بعض من عندنا يفعل ذلك.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال إن القاضي يقبل قول القاسم الذي قدمه للحساب والقسمة بين القوم فيما أخبره أنه صار لكل واحد منهم، فيمضي ذلك ويقضي به ويشهد عليه، وإن لم يعلم صحته إلا بما أخبره به ولا حضر ذلك ولا شاهده، إذ ليس ذلك عليه ولعله ليس من أهل الحساب، فلو حضر وشاهد لم ينتفع بحضوره، وكذلك كل ما لا يباشره القاضي من الأمور بنفسه، فقول مأموره في ذلك مقبول عنده؛ لأن يده في ذلك كيده، وفعله كفعله، ولو اختلف الورثة في القسمة وتنازعوا في حدودها بعد أن قضى القاضي بها ونفذها بينهم على ما أخبره به القاسم الذي قدمه للقسمة فدعاهم القاضي بأصل القسمة التي أشهد عليها وقضى بها فلم توجد، أو وجدت وشهودها قد بادوا أو لم يتبين منها ما