أم لا يتم، فإذا لم يلزمه وتركه أخذ الجاعل ما مضى من عمله باطلا بغير شيء، وذلك من أعظم الغرر، وبيان ذلك أنه إذا شارطه على بيع جميع الميراث، وتقاضى ثمنه، وهو غير ما شيء من عروض وأثاث وأصول، وما أشبه ذلك بجعل يسميه له على ذلك، قد يبيع الأكثر ويتقاضى ثمنه، ثم يكره بيع الباقي، أو يعجز عنه، أو يموت فيذهب عناؤه باطلا، ويحصل الورثة عليه دون شيء يلزمهم؛ إذ لا شيء للمجعول له من الجعل إلا بتمام العمل، فهذه العلة في أن ذلك لا يجوز.
وقوله: ولعل ثمنه يكثر، وليس تقاضي ما كثر منه مثل تقاضي ما يقل، معناه أن الغرر في الكثير من ذلك أكثر من الغرر في القليل، لا أن ذلك يجوز في القليل، بل لو جاعله على بيع أشياء كثيرة يسيرة الثمن لا تباع صفقة واحدة بجعل واحد لما جاز؛ لأنه إن باع الأكثر، وعجز عن الأقل لم يكن له شيء، وحصل الجاعل على ما مضى من عمل باطلا بغير شيء.
وإنما يجوز الجعل على أشياء كثيرة إذا سمى في كل شيء منها جعلا معلوما، وكذلك لو جاعله على بيع أشياء كثيرة، وسمى لكل شيء بيع منها جعلا مسمى؛ لجاز إن لم تكن عنده، فكان يستقل بها عن حوائجه، ويكفي ربها مؤنتها، وكانت عند ربها كلما باع منها شيئا بما سمى له فيه من الثمن، أو بما رآه استوجب فيه جعله، وأخذ سواه فعرضه للبيع، فإن باعه استوجب فيه جعله أيضا حتى يأتي على آخرها، إلا أن يشاء أن يترك فيكون ذلك له، وبالله التوفيق.
[يجعل للرجل يصيح على الرقيق يبيعهم فيمن يزيد]
ومن كتاب أوله حلف ليرفعن أمرا إلى السلطان وسئل مالك عن الرجل يجعل للرجل يصيح على الرقيق يبيعهم فيمن يزيد، فما باع فله في كل رأس درهم، قال: أرأيت إن لم يبع فهل له شيء؟ قيل: لا، قال: فهذا لا يصلح إلا أن يجعل له شيئا معلوما باع أو لم يبع في ساعة أو يوم أو يومين. قيل له: أفرأيت الثوب يبيعه على أن له درهما؟ قال: ليس الثوب