قال محمد بن رشد: معنى هذا إذا أراد بذلك الطلاق، وأما لو لم تكن له نية لكان ظهارا، فقد قال في المدونة: إنه إذا قال: حرام كأمي أو مثل أمي ولا نية له إنه ظهار. قال: وهذا مما لا اختلاف فيه، ولا فرق بين أن يقول: أنت حرام كأمي أو أنت أحرم من أمي في أنه ظهار، وإذا لم تكن له نية، وذلك بين من سماع ابن القاسم من كتاب الظهار، فإذا أراد بذلك الطلاق فهي البتة، على مذهب ابن القاسم، ولا ينوى في واحدة ولا في اثنتين، وقال سحنون: ينوى فيما أراد من الطلاق، ولو قال: أنت حرام، ولم يقل مثل أمي لكان طلاقا على مذهب ابن القاسم، وإن أراد به الظهار.
وحكى اللخمي أن لسحنون في العتبية أنه ينوى في أنه أراد بذلك الظهار، وليس ذلك بموجود له عندنا في العتبية فأراه غلطا والله أعلم. وحكي عن يحيى بن عمر أنه قال: يلزمه الطلاق، فإن تزوجها ولم يقربها حتى يكفر كفارة الظهار قال: وهذا قول من لم يتبين له في المسألة حكم، والله أعلم.
[وطئ المرأة المملك طلاقها بعلم المملك ذلك فيها]
ومن كتاب جاع فباع امرأته وسأله رجل فقال: كانت تحتي امرأة فخطبت أخرى، فقالت: لا أتزوجك إلا أن تجعل أمر امرأتك التي تحتك بيدي، قال: ففعلت وتزوجتها على ذلك فأقامت شهرا وأنا مع امرأتي أياما أمسها فلما دخلت بها طلقتها بالبتة قال: أكان عليك شرط أن أمرها بيدها حين تدخل عليها، أو لم تذكر ذلك؟ قال: ليس علي إلا ما أخبرتك أن أمر امرأتي التي تحتي بيدك، فقال: لا شيء بيدها إذا مسستها ووطئتها بعد أن جعلت ذلك بيدها، فلم تقض شيئا حتى مسست ووطئت.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: وهو مما لا اختلاف فيه إن وطئ المرأة المملك طلاقها بعلم المملك ذلك فيها يسقط ما له من طلاقها. وقد مضى هذا في رسم سلف وغيره، وبالله التوفيق.