لا تجري أحكامنا عليهم، ومن صالح منهم على أداء الجزية، فهم أهل ذمة تجري أحكامنا عليهم، وأهل الذمة يباع عليهم من أسلم من رقيقهم، ولا يتركون تحت ملكتهم بعد إسلامهم، فكيف بأحرار المسلمين؟ فالصحيح فيهم ما في سماع سحنون أنهم يعطون قيمتهم من بيت مال المسلمين ويخرجون أحرارا، وإنما يستوي منهم من صالح على هدنة، وعلى أداء الجزية في الأموال والرقيق الذين ليسوا بمسلمين، وأما الآبق الذي خرج مع الرسل فلا سبيل لصاحبه إليه، إلا أن يشتريه منهم برضاهم، وسواء على مذهب ابن القاسم كان مسلما أو كافرا؛ لأن الرسل مؤمنون، ومذهبه أن المستأمنين كتجار الحربيين وغيرهم ممن دخل بأمان، لا يباع عليهم العبيد المسلمون، ولا ينزع منهم أسارى المسلمين من الرجال والنساء، ويكون لهم الرجوع بهم إلى بلادهم، خلاف ما ذهب إليه ابن حبيب من أنهم في حكم أهل الذمة يباع عليهم من أسلم من رقيقهم، ويعطون قيمة أسارى المسلمين، ولا يمكنون من الرجوع، وحكى أن ذلك إجماع من قول مالك وأصحابه إلا ابن القاسم، وسنزيد هذه المسألة بيانا في سماع سحنون، إن شاء الله.
[مسألة: الذميون لو سرقوا أموالا فكتموا ذلك حتى حاربوا وذلك في أيديهم أيؤخذ منهم]
مسألة قلت: أرأيت أهل ذمتنا لو سرقوا أموالا لنا وعبيدا، فكتموا ذلك كما تكتم السرقات، وأخفوها حتى حاربوا وذلك في أيديهم، ثم صالحوا على أن رجعوا إلى حالهم من غير غرم الجزية التي كانت عليهم، أيؤخذ منهم ما كانوا سرقوا قبل المحاربة وقبل الصلح الذي استحدثوا؟ قال: لا أرى إلا أن يوفى لهم بالعهد، ولا ينزع منهم شيء مما حاربوا عليه ثم صالحوا، وهو في أيديهم.
قلت: أفترى إذا اطلعنا على السرقات المتقادمة في أيديهم