قال محمد بن رشد: قد استدل مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - لما ذهب إليه من كراهة ترك الرداء في الصلاة في المساجد بالآية التي تلاها. وهو دليل ظاهر؛ لأن الرداء من الزينة، فكان الاختيار أن لا يترك في مسجد من المساجد تعلقا بالعموم والظاهر، وإن كانت الآية إنما نزلت في الذين كانوا يطوفون بالبيت عراة، فالفرض من اللباس ما يستر العورة منه، قال الله عز وجل:{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ}[الأعراف: ٢٦] ، والاختيار منه في الصلاة في المساجد بلوغ الزينة المباحة، قال عز وجل:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}[الأعراف: ٣٢] الآية وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل ينام بعد المغرب وبعد الصبح]
مسألة وسئل مالك عن الرجل ينام بعد المغرب، قال ذلك يكره، قيل له فالنوم بعد الصبح؟ قال ما أعلم حراما.
قال الإمام: إنما كره النوم بعد المغرب؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رواية أبي برزة الأسلمي أنه نهى «عن النوم قبل صلاة العشاء وعن الحديث بعدها» .
والمعنى في النهي عن النوم قبل صلاة العشاء مخافة أن يغلب النائم النوم فتفوته صلاتها في الجماعة أوفي وقتها المختار، وفي النهي عن الحديث بعدها إراحة الكتاب لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أخبر أن القلم مرتفع عن النيام، وكره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السمر إلا لمصل أو مسافر. وقال مجاهد: لا يجوز السمر بعد العشاء إلا لمصل أو مسافر أو مذاكر. ووجه السؤال عن النوم بعد