للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في ذلك كما تجوز في الاستهلال، وقوله: إنهما يعتقان جميعا إذا لم يثبت النساء أيهما ولد أولا صحيح أيضا، وأما تعليله لذلك بأنه لما كان يعتق من كل واحد منهما نصفه بالقضاء عتق عليه النصف الباقي بالسنة فهو تعليل غير صحيح، وإن كان ابن الماجشون قد جامعه عليه، فقال: يعتق نصف كل واحد منهما بالقول الأول ويعتق النصفان الباقيان بالاستتمام كمن أعتق نصف عبده فإنه يعتق عليه كله، وذلك أنه لم يعتق نصف كل واحد منهما، وإنما أعتق الذي ولد منهما أولا، فلما لم يعلم من ولد منهما أولا وجب أن يعتقا جميعا؛ إذ لا يحل استرقاقهما مع العلم بأن أحدهما حر، ولا استرقاق أحدهما لاحتمال أن يكون هو الذي وجبت له الحرية بولادته أولا، كمن أعتق أحد عبديه أو طلق إحدى امرأتيه ثم شك فلم يدر أي عبديه أعتق ولا أي امرأتيه طلق أن العبدين يعتقان وأن المرأتين تطلقان، وكمن قال: أول عبيدي يدخل هذه الدار فهو حر فدخلها عبيده واحدا بعد واحد وجهل الأول منهم أنهم يعتقون كلهم، ولو كان يعتق أنصافهما بالقول الأول وباقيهما بالاستتمام لوجب إن لم يحكم بذلك حتى مات ألا يستتم عتقهما بعد الموت، وهذا لا يصح في هذه المسألة، فبان بهذا ضعف هذا التعليل، ومن أهل العلم من يقول: إنهما يعتقان جميعا ويكون عليهما نصف قيمتهما، ولم ير ذلك مالك ولا قال به هو ولا أحد من أصحابه، وبالله التوفيق.

[مسألة: الشهيدين يشهدان عند القاضي فيزكي أحدهما صاحبه]

مسألة وعن الشهيدين يشهدان عند القاضي فيزكي أحدهما صاحبه هل يجوز ذلك؟ قال: لا تجوز تزكيته له؛ لأن التزكية شهادة، وقال مالك: لأنه إذا شهد وزكى فإنما هو الذي أثبت الحق وحده.

قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قاله؛ لأنه إذا زكى أحد الشاهدين صاحبه فلم يتم الحكم إلا بشهادة المزكي وحده، ولو زكيا جميعا شاهدا وشهد على شهادة آخر في ذلك الحق جاز ذلك على ما في نوازل سحنون، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>