وسيأتي ما يشبه هذا المعنى في أول رسم "سُنّ" من هذا السماع، وفي رسم "لم يدرك" من سماع عيسى، وبالله التوفيق.
[مسألة: القرى لا يكون فيها إمام إذا صلى بهم رجل منهم الجمعة أيخطب بهم]
مسألة وسئل عن القرى التي لا يكون فيها إمام، إذا صلى بهم رجل منهم الجمعة، أيخطب بهم؟ قال: نعم، لا تكون الجمعة إلا بخطبة. قيل له: أيؤذن قدامه؟ قال: لا، وعندنا هاهنا - يعني المدينة - إذا لم يكن إمامنا حاضرا، فصلى بنا القاضي أو القاص الجمعة، فإنما يؤذن فوق المنارة.
قال محمد بن رشد: القاص الواعظ الذي يحض الناس على الصلاة ويعلمهم الخير، والأذان بين يدي الإمام في الجمعة مكروه؛ لأنه محدث، ولذلك نهى عنه مالك، وكان لا يفعله القاضي ولا القاص، إذا غاب الإمام. وأول من أحدثه هشام بن عبد الملك. وإنما كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا زالت الشمس وخرج، رقى المنبر، فإذا رآه المؤذنون، وكانوا ثلاثة قاموا فأذنوا في المدينة واحدا بعد واحد كما يؤذنون في غير الجمعة، فإذا فرغوا أخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خطبته، ثم تلاه على ذلك أبو بكر وعمر، وزاد عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما كثر الناس أذانا بالزوراء عند زوال الشمس، يؤذن الناس بذلك أن الصلاة قد حضرت، وترك الأذان في المدينة بعد جلوسه على المنبر على ما كان عليه، فاستمر الأمر على ذلك إلى زمان هشام بن عبد الملك، فنقل الأذان الذي كان بالزوراء إلى المدينة، ونقل الأذان الذي في المدينة بين يديه، وأمرهم أن يؤذنوا معا، وتلاه على ذلك من بعده من الخلفاء إلى زماننا وهو بدعة. والذي كان يفعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخلفاء الراشدون بعده هو السنة، وبالله التوفيق.