فتفرقته بين القرب والبعد استحسان، ووجهه: أن الذي يغلب على الظن في البعد أنه ردها، وفي القرب أنه استسلفها؛ لأن الودائع في أغلب الأحوال لا تترك عند المودع الدهور والأعوام.
وقال، في العشرين سنة: إنه طول، وكذلك العشر سنين على ما قاله في موضع آخر، وقال في السنة وما أشبه ذلك: إنه يسير، فقيل: إن ذلك خلاف لما في آخر كتاب الشركة من المدونة في الشريكين يموت أحدهما، فيقيم شريكه البينة أنه قد كانت عنده مائة دينار من الشركة، فلم يوجد ولا علم لها مسقط أنها تكون في ماله، إلا أن تطول المدة، أرأيت لو كان ذلك مثل السنة لكان يؤخذ ذلك من ماله، وقيل: إنها ليست بخلاف لها وهو الصحيح؛ لأنها مسألة أخرى، والفرق بينهما أن للشريك التصرف في المال، وليس للذي يودع أن يتصرف فيما أودع إياه، وبالله التوفيق.
[: يبيع من الرجل الجارية على أن ينفق عليه حياته]
ومن كتاب أوله سن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسئل: عن جارية وضعها رجل عند رجل فأنفق عليها ثلاثين صاعا من تمر، ثم جاء سيدها، فقال: إنما لك ثلاثون صاعا، وقال المنفق: بل لي بسوق يوم أنفقت واشتريت، والطعام يوم جاءه صاحبها أرخص، قال مالك: يحسب يوم أنفق، يعطي بذلك دراهم، قال ابن القاسم: وذلك إذا كان المنفق اشترى بالثمن، فأما إن كان طعاما أخرجه من عنده فليس له إلا مكيلة طعامه.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم تفسير لقول مالك: إنه إن كان اشترى الطعام فله قيمته يوم اشتراه؛ لأن الثمن الذي اشتراه به إذ قد تعين في الشراء فلا يلزم صاحب الجارية ما عين فيه، وهذا مثل ما في كتاب السلم