وإنما أمر بحرق الكتب، ولم يأمر بخرقها وتمزيقها، صيانة لما وقع من أسماء الله فيها كما فعل عثمان بالصحف، إِذ جمع القرآن. وبالله التوفيق.
[بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أجمله الله في القرآن والصلاة والزكاة]
في بيان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أجمله الله في القرآن والصلاة والزكاة قال مالك: الحج كله في كتاب الله تعالى والصلاة والزكاة ليس لهما في كتاب الله تفسير. ورسول الله صلى الله عليه وسلم بيَّن ذلك.
قال محمد بن رشد: ظاهر قول مالك هذا إن الحج كله في كتاب الله تعالى مفسر، وإن الصلاة والزكاة ليستا مفسرتيْن فيه، وأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فسرهما وليس ذلك بصحيح، بل ما أتى في القرآن من ذكر الحج مفتقراً إلى التفسير والبيان الذي فسرهُ به رسول الله وبين مراد الله تعالى فيه قولاً وعملًا، كافتقار الصلاة والزكاة إلى ذلك سواء، ولو تركنا وظاهر ما في القرآن من أمر الحج لما صح لنا منه امتثال أمر الله تعالى به، إذ لم يبين فيه شيئاً من صفة عمله وترتيبه في أوقاته التي لا يصح إلا فيها، وشرائطه التي لا يتم إلا بها وسنته التي لا يكمل إِلّا بها، فليس الكلام على ظاهره، وإنما معناه الذي أراده به أن الحج كله في كتاب الله تبارك وتعالى، والصلاة والزكاة، تََم الكلام هاهنا، ثم ابتدأ فقال ليس لها أي لجميع ذلك في كتاب الله تفسير.
ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين ذلك، ويبين تأويلنا هذا ما في كتاب محمد بن المواز من قوله: وكذلك الحج والزكاة ونزل وجوبهما في القرآن مجملاً، وبين رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما أراد منه وفسره وبينه. وقوله في الرواية أيضاً ليس لها ولم يقل لهما، وقد نقل ابن أبي زيد هذه الرواية بالمعنى على ظاهرها نقلا غير