[مسألة: حلف بحريته أن لا يبيعه فباعه بيعا فاسدا أو حراما]
مسألة قال ابن القاسم: ولو حلف بحريته أن لا يبيعه فباعه بيعا فاسدا أو حراما على أن يسلف أو سلف أو ما أشبهه من البيوع الفاسدة لرأيته بيعا يعتق عليه، قال: ولو قال أنت حر إن لم أبعك فباعه بيعا فاسدا فرد عليه كانت اليمين لازمة له حتى يبيعه ثانية، ولو حلف ألا يبيعه فباعه واشترط الخيار لم يكن ذلك بيعا حتى يمضيه، لأنه قد جعل ذلك لنفسه إن شاء أن يمضيه أمضاه، وإن شاء أن يرده رده، فليس يبيع حتى يمضيه، وقاله أصبغ على وجهها كلها ولها تفسير وحجج في افتراقها، وهي صواب.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال أصبغ أن لافتراق هذه المسائل وجوها تفترق بها، فإنما فرق بين البر والحنث بمجرد عقد البيع الفاسد يريد مع القبض، فقال: إنه يحنث به إذا حلف أن لا يبيع وإن لم يفت البيع، وقال إنه لا يبريه إذا حلف أن يبيع إلا أن يفوت البيع، لأن الحنث يدخل بأقل الوجوه، والبر لا يكون إلا بأكملها، والوجه في ذلك أن ترك البيع ليس بفعل مقصود إليه، فإذا حلف ألا يفعله فقصد إلى فعل ما هو سبب له ففعله وجب أن يحنث بفعله إياه؛ لأنه يؤول إليه، والبيع فعل مقصود إليه، فإذا حلف أن يفعله وجب أن لا يبر إلا بفعله ألا يفعل سببه إذا لم يحلف أن يفعل سببه، وإنما حلف أن يفعله فوجب أن لا يبر إلا بتمامه وهو فوت السلعة بيد المبتاع الذي به ينتقل الملك، وقد مضى في رسم باع شاة من سماع عيسى إذا حلف أن يبيع إلى شهر فباع بيعا فاسدا قبله وما يتخرج في ذلك من الاختلاف.
ولكون الترك ليس بفعل مقصود إليه كان النهي أقوى من الأمر، قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» لأن الرجل قادر على الترك على كل حال، وقد لا يقوى على