المسجد، ويرتفع ملكه عنه أم لا؟ إذ من أهل العراق من ذهب إلى أنه من بنى في داره مسجدا، وخلى بين الناس وبينه حتى صلوا فيه صلاة واحدة، أنه يتحرم بذلك بحرمة المسجد، ويرتفع ملكه عنه؛ واحتج على من ذهب إلى أنه لا يتحرم بحرمة المسجد إذا كان في دار يغلق بابها عليه، ويحول بين الناس وبينه في حال ما، - بما روي أن رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أمر بالمساجد أن تبنى في الدور وتطيب» ، أو كما قال. وهذا لا حجة فيه، لاحتمال أن يكون أراد خلال الدور، لا داخلها؛ لأن الدور المجتمعة لقوم تسمى دارا، قال تعالى:{تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ}[هود: ٦٥] . ومنه الحديث:«خير دور الأنصار دار بني النجار، ثم دار بني عبد الأشهل، ثم دار بلحرث، ثم دار بني ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير» . قال: هذا بعض من تكلم على معنى الحديث، والذي أقول به على ظاهره: أن من بنى مسجدا في داره أو محرابا للصلاة، فإنه يتحرم بحرمة المسجد في أن ينزه بما تنزه عنه المساجد، دون أن يرتفع ملكه عنه، ما لم يخرجه من غلق داره- وبالله التوفيق.
[مسألة: يتبخر بلحوم السباع]
مسألة قال ابن القاسم: لا بأس أن يتبخر بلحوم السباع إذا كانت ذكية، وإن كانت ميتة، فلم يكن يعلق دخانها بالثياب، كما يعلق الدخان دخان عظام الميتة، فلا بأس به، وأرجو أن يكون خفيفا، وإن كان يعلق بالثياب، فلا يعجبني.