مريض، فلا يجوز ترك الجلوس ولا السجود إلا من علة، ويحتمل أن يكون لا يجيز الإيماء بالسجود مع القدرة عليه إلا لمن صلى مضطجعا؛ لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«من صلى قاعدا فله نصف أجر صلاة القائم» ، فكان معناه عند أهل العلم جميعا: من صلى قاعدا وساجدا، إذ لم يعلم أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أحدا من سلف الأمة ترك السجود في صلاة النافلة مع القدرة عليه كما ترك القيام فيها مع القدرة عليه.
وإذا لم تكن صلاة القاعد مثل نصف صلاة القائم إلا مع السجود، فلا تكون صلاة القائم مثل نصف صلاة القاعد إلا مع عدم القدرة على السجود، والله أعلم.
[مسألة: النكاح يعقد بعد قعود الإمام يوم الجمعة]
مسألة وسألته: عن النكاح يعقد بعد قعود الإمام يوم الجمعة، أيفسخ؟
قال: لا، هو جائز دخل أو لم يدخل، النكاح والصدقة والهبة جائزة نافذة في تلك الساعة إلا البيع.
قال أصبغ: فإن اشترى سلعة بعد قعود الإمام على المنبر فباعها بربح لم يجز له أن يأكل ذلك الربح، ويتصدق به أحب إلي، وهو قول ابن القاسم.
قال أصبغ: ولا يعجبني قوله في النكاح وأرى أن يفسخ، وهو عندي بيع من البيوع.
قال القاضي: وجه قول ابن القاسم إن العلة في فسخ البيع لما كانت مطابقة للنهي لم يفسخ النكاح إذ لم تتعد إليه العلة، ووجه قول أصبغ: قياس النكاح على البيع في الفسخ بالمعنى الجامع بينهما، كما يقاس عليه في المنع ويفسخ عند أصبغ ولو فات بالدخول، ويكون لها الصداق المسمى، حكاه ابن مزين عنه.
وهذا على القول بأن البيع إذا فات مضى بالثمن ولم يرد إلى القيمة.
وقد مضى ذكر الاختلاف في ذلك في رسم "حلف بطلاق امرأته" من سماع ابن القاسم.