قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة والقول فيها مستوفى في رسم كتب عليه من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته.
[مسألة: طلق امرأته تطليقة ثم قالت له أنا أعطيك عشرة دنانير]
مسألة وقال أشهب: في رجل طلق امرأته تطليقة ثم قالت له: أنا أعطيك عشرة دنانير، على أن لا تراجعني، فقال: إن شاء راجعها، فإن راجعها رد عليها العشرة.
قال محمد بن رشد: قول أشهب هذا، خلاف قول ابن القاسم في رسم إن خرجت من سماع عيسى، وليس خلافا لما في رسم باع غلاما من سماع ابن القاسم؛ لأنها مسألة أخرى، لا اختلاف فيها.
وقد مضى القول هناك، وفي سماع عيسى، وظاهر قول أشهب هذا إن الأمر لا يلزمه وإن قبض العشرة، وله أن يردها بعد أن قبضها ويراجعها، وهو بعيد؛ لأنه إذا قبض العشرة، فقد ألزم نفسه ما واجبته عليه المرأة من إسقاط حقه في مراجعته إياها، ولزمته بذلك طلقة واحدة، قولا واحدا.
وإنما الخلاف إذا قال لها لما جاءته بالعشرة: لا أخذها، ولا أترك حقي في المراجعة؛ لأني لم أوجب ذلك على نفسي، وإنما وعدت به، وذلك على قياس المسألة التي مضى الكلام عليها في أول سماع ابن القاسم، وهي إذا قالت المرأة لزوجها: خذ مني عشرين دينارا، وفارقني، فلما جاءته بها قال: لا آخذها ولا أفارقك ويدخل فيها القول الثالث، وهو الفرق بين أن تبيع بالعشرة متاعها، وتكسر بها عروضها، وبين أن تأتيه بها من غير شيء تفسده على نفسها، فينبغي ألا يحمل قول أشهب على ظاهره، وأن يتأول على ما يصح، فيقال: إن معنى قوله: ويرد العشرة أي يتركها، ولا يأخذها منها، وذلك جائز في الكلام، كما يقول الرجل رددت السلعة بالعيب، وإن كان لم يقبضها بعد؛ لأن ما وجب للرجل قبضه، فكأنه قد قبضه، وإذا حمل قول أشهب هذا على أنه لم يقبض