الخدمة قبل أن تؤدي المال أعتق في أمد الخدمة وكان ما بقي من المال المشترط عليه بعد انقضاء أمد الخدمة دينا عليه يؤديه وهو حر، إذ قد بتلت حريته بانقضاء أمد الخدمة، هذا معنى ما حكاه ابن حبيب في الواضحة عن أصبغ فيما سأله عنه من تفسير قول مالك، وبالله التوفيق.
[مسألة: الكتابة على إحياء عدد من الغرس]
مسألة وسمعته يقول «كاتب سلمان الفارسي أهله على مائة ودية يحييها لهم فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذا غرستها فأذني، فلما غرسها أذن رسول الله فدعا له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها فلم تمت منها ودية واحدة» .
قال محمد بن رشد: في هذا الحديث إجازة الكتابة على هذا النحو من الغرر في حق المكاتب؛ لأنه لا يدري إذا اغترس من النخل هل يحيى أم لا؟ ففيه حجة على ما أجازوه من الكتابة على عبد فلان وهولا يدري هل يقدر على أن يتخلصه من صاحبه أم لا من أجل أنه عبده يجوز له فيما بينه وبينه عن الغرر ما لا يجوز له فيما بينه وبين غيره، والكتابة على هذا من ناحية الجعل الذي أجازه أهل العلم لما شهد بجوازه من صحيح الآثار مع ما دل عليه من حكم القرآن في قَوْله تَعَالَى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ}[يوسف: ٧٢] فالكتابة على إحياء عدد من الغرس أو على عبد فلان يشبه قول الرجل لعبده إن جئتني بعبدي الآبق أو بجملي الشارد فأنت حر فالقياس على هذا إن لم يقدر على إحياء الغرس أو تخلص العبد إلى الأجل الذي يضرب له في ذلك أن يرجع في الرق، وقد قال سحنون: إنه إن لم يقدر عليه كانت عليه قيمته، وقاله أيضا محمد بن المواز، وليس ذلك على الأصول، وبالله التوفيق.