قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة والقول فيها مستوفى في رسم نقدها من سماع عيسى فلا معنى لإعادته، وفي قوله هاهنا لا أراه إلا لها إن رجعت فيه نظر؛ لأن عطية البكر لا تجوز على حال، وإن لم ترجع هي فيه فللولي أن يقوم في ذلك، فإن لم يفعل فلا يجوز له هو أن يمسكه وعليه أن يرده، ومعنى ذلك بعد دخول زوجها بها وملكها أمر نفسها فحينئذ تكون مخيرة بين أن ترجع فيه على الزوج أو تتركه له، والله أعلم.
[مسألة: تزوج امرأة فاشترطت عليه رأسين في صداقها بمائة دينار]
مسألة وعن رجل تزوج امرأة فاشترطت عليه رأسين في صداقها بمائة دينار كل رأس بخمسين دينارا وكانت الرقيق يومئذ رخيصة يباع الرأس الرضي بخمسين دينارا ثم غلت الرقيق بعد ذلك فلا يوجد الرأس إلا بمائة دينار إنه إن كانوا وصفوا الرأس بخمسين وإنما كانت الخمسون صفة للرأس بمنزلة ما يوقت بصفة معلومة مما يتواصف الناس بينهم إذا أسلفوا في الرقيق وابتاعوا، كقول الرجل: هو لك صبيحا تاجرا فصيحا فإني أرى هذه الصفة لازمة غلت الرقيق أو رخصت، وإن كانوا إنما سموا الخمسين دينارا لكيما لا يزول غلت الرقيق أو رخصت فأرى الرجل حينئذ بمنزلة وكيل وكلوه أن يبتاع لهم رأسا بخمسين دينارا فلا أرى عليه غير الخمسين غلت الرقيق أو رخصت، قال ابن القاسم: وإن وقعت بالرأسين صفة فالصفة لازم غلت الرقيق أو رخصت والخمسون لغو.
قال محمد بن رشد: وهذا على ما قال: إنهم إن كانوا أرادوا بالخمسين صفة الرأس فالصفة هي اللازمة، وإن كانوا إنما سموا الخمسين لكي تكون ثابتة على الزوج لا ينقصهم شيئا منها فهو بمنزلة الوكيل على الشراء بها. وإن لم يتبين هل أرادوا بالخمسين الصفة أو العدد، فأمرهم محمول على مراعاة