بذلك الهدية التي تهدى إلى الزوجة لا الوليمة التي يصنعها الزوج للناس وإن كان ذلك أبين من أن يحتاج إلى الاستدلال عليه، قوله في الرواية: لم أر أن يطرح ذلك عنهم إلا أن يتقدم فيه السلطان، ولا يجوز أن يتقدم السلطان في الوليمة، فيكون قد نهى عما أمر رسول الله به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال فيه: إنه حق، فقد روي عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه «قال في الوليمة: اليوم الأول حق والثاني معروف والثالث سمعة» وتقدمه في هدية العرس هو أن يعهد إلى الناس أنه لا هدية لمن تزوجت على زوجها إلا أن تشترطها عليه، وقد كان القياس على القول بوجوب القضاء بها إذا حكم للعرف بحكم الشرط أن يكون حكمها حكم الصداق فيجب عليه نصفها بالطلاق وجميعها بالدخول أو الموت، فإن مات أخذ ذلك من ماله، وإن ماتت هي وجب ذلك لورثتها، إلا أن مالكا لم يحكم لها بحكم الصداق ولا حكم لها بحكم الهبة إذ أبطلها بالطلاق أو بموت من مات منهما على ما قاله في سماع عيسى، وعلى ما احتج به ابن القاسم ها هنا لتضعيف القضاء بها، ووجه ما ذهب إليه مالك أنه حكم بها بحكم الصلة التي يراد بها عين الموصول، فعلى هذا يأتي جوابه في وجوب القضاء بها، وأما ابن حبيب فحكم لها بحكم الصداق فقال: إنه يقضى بها ويرجع إن طلق بنصفها إلا أن تفوت فلا يكون له شيء، يريد فاتت بتلف أو إنفاق أو استمتاع على أهله فيما استمتعت به المرأة من الصداق قبل الطلاق إذا طلق قبل البناء، وقد ذكرنا ذلك عنه في آخر رسم شك. قال: وأما هدية الإملاك فلا يقضى بها ولا يكون له منها شيء في الطلاق وإن أدركها قائمة، ولا فرق بينهما إلا من جهة العرف، فلو انتقل العرف لانتقل الحكم بانتقاله، وبالله التوفيق.
[يبتاع للنساء اللاتي يتزوجن الرجال الإماء ولا يشترى لهن العبيد]
ومن كتاب أوله مرض وله أم ولد فحاضت قال مالك: الأمر عندنا أنه يبتاع للنساء اللاتي يتزوجن الرجال الإماء، ولا يشترى لهن العبيد وأنه ليس في قيمة الرقيق، هكذا سنة مضت إلا ما جرى عليه عمل الناس على نحو ما وصفت لك.