أعطيتني الوديعة التي عندك، فأعطته مائة دينار، وادعى أنه كان استودعها مائتي دينار، أنها تطلق عليه، يريد بالحكم، وأما فيما بينه وبين الله تعالى، فلا يلزمه طلاق؛ لأن غرضه الذي طلق عليه لم يتم له، كمن قال لامرأته: أنت طالق إن أعطيتني مائة دينار، فأعطته خمسين، وأما الذي قال لها: أنت طالق إن أعطيتني المائة التي استودعتك، فقالت له: أنا أعطيك، فأخرجت خمسين، ثم قالت له: لا أعطيك شيئا، فإنما قال: إنها تقدم الخمسين الأخرى التي أقرت بها وتطلق؛ لأن معنى المسألة أنه خشي أن تجحده المائة، فقال لها بمحضر بينة: إن أعطيتني المائة فأنت طالق، فكان معنى يمينه إن أقررت لي بالمائة، وأعطيتنيها فأنت طالق؛ فلزمه الطلاق بإقرارها له بالمائة، وإن لم تعطه منها إلا خمسين؛ لأنه قادر على أن يأخذ منها الخمسين الأخرى، وقد تم له غرضه الذي طلق عليه بإقرارها له بجميع المائة، ولو كانت مقرة له بالمائة فقال لها: إن أعطيتني المائة فأنت طالق، لما لزمه طلاقها إلا بأن تعطيه جميع المائة، وقد مضى هذا المعنى مبينا في أول سماع ابن القاسم.
وقوله في آخر المسألة: فإن جحدت لم يكن عليها غير ما أخرجت إلى آخر قوله: ويطلق؛ إنما يعود على المسألة الأولى التي قال فيها: أنت طالق إن أعطيتني الوديعة، لا على التي قال: إن أعطيتني المائة؛ لأنه إذا قال لها: إن أعطيتني المائة التي لي عندك فأعطته خمسين، وجحدت أن يكون له عندها سواها؛ فلا يلزمه الطلاق؛ لأنه كمن قال لامرأته: أنت طالق إن أعطيتني مائة دينار، فلا تعطه إلا خمسين، وبالله تعالى التوفيق.
[مسألة: يحلف بطلاق امرأته ألا تخرج إلا بإذنه فيأذن لها إلى موضع فتذهب إليه وإلى غيره]
مسألة وسمعته وسئل عن الرجل يحلف بطلاق امرأته ألا تخرج إلا بإذنه، فيأذن لها إلى موضع، فتذهب إليه وإلى غيره.
قال: هو حانث.
قال محمد بن رشد: هذا من قول ابن القاسم خلاف قوله في