رد النكاح أو إمضائه على ما حكى سحنون في المدونة عن جماعة من الرواة أن لا يكون للسلطان أن يزوج المرأة في مغيب أوليائها إذا كانت غيبتهم قريبة على الثلاث والأربع ونحو ذلك حتى يعذر إليهم بمنزلة الإعذار في الحقوق، وبالله التوفيق.
[مسألة: خطبها ولها بنت صغيرة فتزوجها وهو يعلم ثم أمرها بإخراج ابنتها]
مسألة وسئل مالك عن امرأة خطبها رجل ولها بنت صغيرة لم تل نفسها فتزوجها وهو يعلم ذلك ثم بنى بها وابنتها معها ثم قال لها بعد: أخرجي ابنتك عني، أترى ذلك له؟ قال: ما أرى ذلك له.
قال محمد بن رشد: ظاهر قوله، أنه إذا تزوجها وهو يعلم بابنتها ثم بنى بها وهي معها، فليس له أن يخرجها وإن كان لها من أوليائها من يحضنها، والوجه في ذلك أنه لما بنى بها وهي معها فقد رضي ألا يخرجها عنها، ولو لم يعلم بها أو علم بها وأبى في البناء عليها وهي معها لكان له ألا تكون معه إذا كان لها من أوليائها من يحضنها، فسواء علم بها أو لم يعلم ليس له أن يحول بينها وبن أمها للضرورة إلى ذلك، وهي امرأته إن شاء أمسك على أن تكون ابنتها معها وإن شاء طلق، هذا الذي ينبغي أن يحمل عليه قول مالك، والله أعلم، قال ابن الماجشون في الواضحة: علم أنه معها فأراد إخراجه من بيتها وأبت الأم، فله ذلك إن كان له أب أو ولي من رجل أو امرأة تأخذه إلى نفسه، وإن لم يكن له أحد فليس له أن يخرجه، وعلى ذلك نكح، فأما قوله: إنه إن علم بها فله أن يخرجها من بيته فوجهه أنه لم يجعل بناءه عليها وهي معها رضى منه باستمرار كونه معها، وأما قوله: فإن لم يكن له أحد فليس له أن يخرجه وعلى ذلك نكح فيدل على أنه لو لم ينكح على ذلك لكان له ألا يكون معه وإن لم يكن له أحد يأخذ لنفسه ويؤويه إليه، وهو بعيد جدا، والله أعلم، وقد مضى في رسم المحرم القول في تسكين الرجل مع زوجته بنيه من غيرها أو أبويه، وبالله التوفيق.