وأما إن لم يعلم الوصي إنْ كان العتق الذي أوصى به تطوعا أو واجبا فلا ينبغي أن يَعتِقَ عنه من يعتق عليه من أب أو أخ ولا يصح له ملكه مخافة أن تكون وصيته بعتق واجب عليه، فإن فعل لم يلزمه ضمان وبالله التوفيق.
[مسألة: الوارث إذا زاد مما ورثه فكأنه قد أجاز للميت الوصية بأكثر من ثلث ماله]
مسألة وسئل: عن رجل أوصى بمائة درهم في عتق رقبة من غلة حائط له منذ خمس وثلاثين، وكان قبل عتق الرقبة وصايا قدمت قبله، وكان في ذلك الزَّمان الرقبة توجد بمائة درهم، وهي اليوم لا توجد بذلك، فقال له الوصي: أفترى أن أزيد من عندي في ثمنها؟ فإِن نفسي بذلك طيبة، قال: لا يعجبني ذلك، فقيل له: فبعض من ورثه أو من أقاربه أو ممن أوصى له إن أحب أن يزيد في ذلك؟ فقال: ما أرى به بأسا، فقال له الرجل: أفترى أن يشتري له بأرض الروم رقبة؟ فإني أجدها بهذا الثمن إِلَّا أنها أعجمية؟ قال: ليس هذا الذي أراد الرجل ولا يعجبني ذلك، قيل له: أَفَيُعِينُ بهذا في عتق رقبة يتم بها عتقها؟. قال: ويكون غيره الذي يعتقها؟ قال: نعم، قال: لا خير فيه، فقيل له: أفنشتري نحن آخر رقبة بمائتي درهم فيعتقها عنهما؟. قال: لو أني أعلم أنك لا تجد لرأيت ذلك، فقال فإن لم أجد أفترى لي ذلك؟ قال: نعم.
قال محمد بن رشد: لم يُجِز للموصى إذا لم يحمل الثلثُ ثمنَ الرقبة أن يزيد فيها من عنده، وأجاز ذلك لبعض من ورث الميت أو أوصى له بوصية، والمعنى في ذلك أن الزيادة إن كانتَ من مال الميت الموصى جاز ذلك، وإن كانت من غير أصل مَاله لم يجز ذلك، فقولُه: أو من أقاربه معناه من أقاربه الذين يرثونه؛ لأن الوارث إذا زاد مما ورثه فكأنه قد أجاز للميت الوصية بأكثر من ثلث ماله، وكذلك الموصَى له إِن زاد من الوصية التي أوصى له بها