فتلفت - إنه لا ضمان عليه؛ لأن ذلك هو وجه الحوز لها في ذلك الموضع على ما جرت به العادة، فوجب أن لا يضمن، قال مطرف وابن الماجشون: ولو نسيها في الموضع الذي دفعت إليه فيه وقام ضمنها، وكذلك لو كانت في داره فأخذها فأدخلها كمه يظنها دراهمه فسقطت فإنه يضمن، قالا: وهذه جنايات، فضمناه بالنسيان ولم يعذراه بذلك، وقد يتخرج في هذا اختلاف بالمعنى من مسألة الرجلين يدعيان مائة دينار وديعة عند رجل، فيقول المدعى عليه: لا أدري من دفعها إلي منكما؛ لأنه عذر بالنسيان على القول بأنه لا يلزمهما أكثر من أن يغرم لهما المائة فيحلفان ويقتسمانها بينهما، وقد مضى تحصيل الاختلاف في ذلك في رسم يدير من سماع عيسى من كتاب المديان والتفليس، وبالله التوفيق.
[: تكون عنده الوديعة فتطلب منه فيقول قد ضاعت مني منذ سنين]
ومن كتاب القضاء المحض قال أصبغ: سألت ابن القاسم: عن رجل تكون عنده الوديعة فتطلب منه فيقول قد ضاعت مني منذ سنين إلا أني كنت أرجو أن أجدها وكنت أطلبها وما أشبه ذلك ولم يسمع ذلك منه، وصاحبه الذي استودعه أيضا حاضر، ألا يذكر ذلك له؟ فقال: هو مصدق ولا ضمان عليه إلا أن يكون قد طلبت منه فأقر بها أنها عنده كما هي، ثم زعم أنها قد ضاعت منه سنين، فهو هاهنا ضامن وإلا فلا شيء عليه، والقراض مثل ذلك سواء، قال أصبغ: لا يعجبني وهو ضامن إذا أمسك، ولا يعرف طلبا منه ولا ذكر لصاحبها ولا لغيره، ولا وجه مصيبة تطرق ولا سماع سرقة ولا غرق ولا غير ذلك قبل ذلك، وحضور الطالب أشد وأبين بإمساكه عنه، وكل سواء إذا طال هذا جدا وادعى أمرا قريبا لا ذكر له.