قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إن الأم بمنزلة الأجنبي في ابتياع بعض كتابة المكاتبة، إذ لا يعتق المكاتب بابتياع أمه جزءا من كتابته، وإنما يعتق إذا ابتاعه كتابته كلها؛ لأنها تسقط عنه بابتياعها له على ما مضى في رسم يشتري الدور من سماع يحيى فيعتق بذلك، وقد مضى تحصيل الاختلاف في بيع جزء من كتابة المكاتب، في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته، وتكررت المسألة في رسم الكبش من سماع يحيى وفي رسم المدبر عن سماع أصبغ، وبالله التوفيق.
[: وهب لرجل نصف كتابته أو جلها ثم عجز]
من سماع موسى بن معاوية من ابن القاسم
قال موسى بن معاوية: قال ابن القاسم، في رجل أعطى رجلا كتابة مكاتبه في صحته فعجز عن المعطى، فقال مالك: هو للذي وهبت له كتابته، وهو بمنزلة من ابتاعه. وكذلك قال لي مالك.
قال أبو زيد بن أبي الغمر عن ابن القاسم: ولو أن رجلا أعطى رجلا في حياته وصحته كتابة مكاتبه، فعجز عنه المعطى كانت رقبته لسيده المعطي.
قال محمد بن رشد: رواية أبي زيد هذه خلاف ما يأتي له في سماعه بعد هذا، مثل رواية موسى، وقد ذكر ابن المواز عن مالك فيمن وهب لرجل نصف كتابته أو جلها ثم عجز، فإن له بقدر ذلك من رقبته ملكا مثل البيع، وقاله أشهب وأصبغ، وذكر أبو بكر بن محمد عن أشهب مثل رواية أبي زيد هذه، والقياس أن لا فرق في هذا بين البيع والهبة، وأن تكون له رقبته إذا وهبت له كتابته فعجز عما كان يكون له إذا اشتراها فعجز، وكذلك إذا وهب له منها جزءا أو نجما بغير عينه فعجز يكون له من رقبته بقدر ذلك الجزء أو بقدر النجم من عدد النجوم، ورأى على إحدى روايتي أبي زيد وأحد قولي أشهب: