فتكلم بالعمرة، قال: ليس ذلك بشيء، إنما ذلك إلى نيته، وهو على حجه، قال مالك: أما ما كان لله، فهو إلى نيته.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنما الأعمال بالنيات» ، فلا يلزم الرجل فيما بينه وبين ربه ما تكلم به لسانه، إذا لم يعتقده بقلبه، ولم يتعلق فيه حق لغيره.
[مسألة: نسي أن يرمي الجمار نهارا]
مسألة قال مالك: من نسي أن يرمي نهارا فيلزمه ليلا، ولا أرى عليه في ذلك إراقة دم ولا غيره.
قال محمد بن رشد: قد قال مالك: إن عليه الدم في ذلك، والقولان في المدونة، وأما إن لم يرم حتى ذهبت أيام منى فليهد، ولا يرم في غير أيام الرمي، وقد مضى ذلك في رسم حلف ألا يبيع سلعة سماها.
[مسألة: يريد أن يرمي في آخر أيام التشريق ويرجع إلى ثقله]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يريد أن يرمي في آخر أيام التشريق ويرجع إلى ثقله، فيكون فيه حتى يتحمل، فقال مالك: أحب إلي أن يرمي ويتقدم من منى، قيل له: وكيف يصنع وهو لا يستطيع أن يتحمل تلك الساعة بعياله أو ثقله؟ فقال: يؤخر ذلك ما لم تصفر الشمس.
قال محمد بن رشد: إنما استحب ذلك؛ لأنه الذي مضى عليه السلف، وقد كره مالك للحاج أن يجاور بمكة بعد انقضاء حجه اتباعا للسلف، فقال: ما كان الناس إلا على الحج والفعل، فكيف بالمقام منى بعد انقضاء الحج؟ ووجه ذلك من طريق المعنى هو أن بقاءه ما لم يتعجل بمنى إلى أن يرمي الجمرات آخر أيام منى واجب شرعا ودينا، وبقاؤه بعد ذلك بها مباح