ثم وجد النفقة شهرا، إنه يكون أملك بها معناه، وإن لم يطمع له بمال سوى ذلك، وهو صحيح؛ لأنه إذا أيسر في العدة، وجبت عليه النفقة، وإن لم يرتجع، قاله ابن حبيب في الواضحة. وحكاه عن مطرف وابن الماجشون، وهو الذي يأتي على مذهب مالك في المدونة إذ قال فيها: إن كل طلاق يملك فيه الزوج الرجعة، فالنفقة على الزوج لامرأته وإن لم تكن حاملا، وكذلك المولي فلا يصح أن يحكم عليه بالنفقة، ويمنع من الرجعة، وقد حمل بعض الناس ما في الواضحة على أنه ساوى بين الذي يطلق عليه بالإيلاء، والذي يطلق عليه بعدم الإنفاق، في أنه لا نفقة على واحد منهما، حتى يرتجع، لقوله فيها: وكل طلاق لا يملك فيه الزوج الرجعة إلا بقول وفعل، فلا نفقة عليه حتى يرتجع، وليس ذلك بصحيح؛ إذ فرق بينهما، وقوله في الذي يطلق عليه بالإيلاء إنه لا نفقة عليه حتى يرتجع، مثله حكى ابن شعبان عن مالك، وذلك خلاف نص ما في المدونة وأما قوله: إنه إذا لم يجد إلا نفقة الأيام اليسيرة الخمسة والعشرة، والخمسة عشر، وما أشبه ذلك، فلا رجعة له، معناه: إذا لم يجد إلا ذلك، ثم ينقطع، وأما لو قدر على أن يجري عليها النفقة مياومة، فإن كان ممن يجريها قبل أن يطلق عليه مياومة، فله الرجعة، واختلف إن كان ممن يجريها قبل الطلاق مشاهرة، فقيل: له الرجعة، وقيل: لا رجعة له. حكى ابن حبيب القولين، وبالله التوفيق.
[مسألة: ينكح في العدة فيقبل أو يباشر أو يجس أو يغمز]
مسألة وسألته عن الذي ينكح في العدة، فيقبل أو يباشر، أو يجس، أو يغمز، ثم يعلم بذلك، فيفرق بينهما، هل ينكحها بعد ذلك؟ قال ابن القاسم: أحب إلي ألا ينكحها أمره بذلك من غير قضاء يقضي به عليه؛ لأنه أمر ليس بالقوي؛ لأن الوطء نفسه فيه من الاختلاف ما فيه، إذا لم يطأ، والذي يعقد في العدة، ويدخل بعد العدة، فيفرق بينهما، يؤمر أيضا بألا ينكحها بعد ذلك، ولا أرى أن يقضى عليه بذلك، ولا يجبر عليه، والذي يواعد في العدة، وينكح بعد