الحبس المعقب إلى أقرب الناس بالمحبس، وغيرُ المعقب يجري على اختلاف قول مالك بين هذا، ويدل على صحته ما وقع في رسم يسلف بعد هذا من أنه إذا حبس على أجنبي حياته يرجع الحبس بموت المحبس عليه إلى أقرب الناس بالمحبس يوم يرجع.
فيتحصل في الحبس على المعينين ثلاثة أقوال: قولان، وتفرقةٌ بين أن يقول حياتَهم وبين أن يسكت عن ذلك، وفي الحبس المعقب قولان إذا قال حياتهم، ولا اختلاف إذا لم يقل حياتهم أنه يرجع بمرجع الأحباس، وأما إذا ضرب أَجَلا فلا اختلاف عندي في أنها ترجع إليه أو إلى ورثته بعد الأجل ملكا مطلقا، وقد ذهب أبو إسحاق التونسي إلى أنه لا فرق بين أن يقول حياتَه أو يضرب أجلا، والفرق بينهما عندي بين، وبالله التوفيق.
[مسألة: حبس شيئا في سبيل الله فأنفذ ذلك زمانا ثم أراد أن ينتفع به مع الناس]
مسألة قال مالك: من حبس دارا في سبيل الله أو سلاحا أو دابة فأنفذ ذلك في تلك الوجوه زمانا ثم أراد أن ينتفع به مع الناس، قال: إن كان ذلك من حاجة فلا أرى بذلك بأسا.
قال محمد بن رشد: قوله ثم أراد أن ينتفع به مع الناس معناه ينتفع به فيما سَبَّله فيه من السبيل، لا فيما سِوى ذلك من منافعه، فلهذا لم يَرَ بذلك بأسا إذا فعل ذلك من حاجة؛ لأن الاِختيار فيما جُعِلَ في السبيل ألا يعطي فيه إلاَّ لأهل الحاجة إليه، فإذا احتاج إليه في السبيل فاستعمله فيه لم يكن ذلك رجوعا منه فيما حبسه ولا عودا منه في صدقته، والله أعلم.
[مسألة: حبس على أحد حبسا وقال هي لك حياتي ثم هي في سبيل الله أو صدقة]
مسألة قال مالك: ومن حبس على أحد حبسا، وقال: هي لك حياتي ثم هي في سبيل الله أو صدقة فإذا مات فهي في ثلثه.