صداق المثل. وهذا إن كانت التسمية في العقد على الشرط، وأما إن كان تزوجها على الشرط نكاح تفويض، دون تسمية صداق، ثم سمى لها بعد ذلك صداقا، فالنكاح ثابت، والشرط باطل، والصداق المسمى لازم. وفي المدنية لمحمد بن دينار أن الصدقة بالشرط تلزمه، وأنه إن أعتقها بعد أن اتخذها لم ينفذ عتقه، وكانت لها صدقة بالشرط. قال: وإن اشترط إن اتخذها فهي صدقة عليها وحرة، فاتخذها كان مخيرا بين عتقها والصدقة بها. ولابن نافع فيها، إن من باع سلعة من رجل وقال: إن خاصمتك فيها فهي صدقة عليك، فخاصمه فيها، أن الصدقة تلزمه، فعلى قولهما في لزوم الصدقة بالشرط، ينبغي أن يكون النكاح جائزا، والشرط لازما، كسائر الشروط اللازمة. واستدل بعض الشيوخ من هذه المسألة على أن من التزم لامرأته إن تسرر عليها فأمر السرية بيدها إن شاءت باعتها عليه وإن شاءت أمسكتها له، أن البيع لا يلزمه فيها، خلاف ما ذهب إليه ابن العطار. ووجه هذا الاستدلال أن الصدقة إذا كانت لا تلزمه فأحرى ألا يلزمه البيع، وليس ذلك ببين؛ لأن المعنى في الصدقة والبيع مفترق. وإنما الوجه في أن البيع لا يلزمه أنها وكالة منه لها على بيعها، وللموكل أن يعزل الوكيل على الوكالة متى ما شاء. هذا الذي حفظناه عن الشيوخ في ذلك، ولا يبعد عندي ألا يكون له أن يعزلها عن هذه الوكالة؛ لأنه لما نكحته على ذلك فقد أخذ عليها عوضا يلزمه، كالمبايعة، وقد مضى بيان هذا المعنى في رسم الجواب من سماع عيسى، فقف عليه وبالله التوفيق.
[البكر يغيب عنها أبوها الغيبة البعيدة أينكحها السلطان أو الولي]
ومن كتاب الأقضية قال يحيى: وسألت ابن وهب عن البكر يغيب عنها أبوها الغيبة البعيدة، إما أن يتخذ موضعه الذي غاب به وطنا، أو يتردد في تلك الناحية للتجارة، فتضيع، وتريد النكاح، أينكحها السلطان أو الولي؟ أم لا يجوز ذلك لغير الأب؟ أما إذا قطع الأب عنها نفقته، وأطال عنها غيبته، فإن إنكاح الولي أو الإمام إياها برضاها