مسألة وسئل: عن المسألة عن الشهود سرا، أترى ذلك؟ قال: نعم، ولكن لا يسأل إلا العدول.
قال محمد بن رشد: المسألة عن العدول في السر تعديل السر وهو مما ينبغي للقاضي أن يفعله، ولا يكتفي بتعديل العلانية دونه، وله أن يكتفي بتعديل السر دون تعديل العلانية، وحكى هذا ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ، ومعناه في الاختيار دون اللزوم على ما في المدونة وغيرها.
وتعديل السر يفترق من تعديل العلانية في وجهين: أحدهما: أنه لا إعذار في تعديل السر. والثاني: أنه يجزي فيه الشاهد الواحد، وإن كان الاختيار اثنين بخلاف تعديل العلانية في الوجهين، وقد روي عن سحنون: أنه لا يقبل في تزكية السر إلا اثنان، وهو ظاهر ما في المدونة ومعناه في الاختيار، فلا اختلاف في أن الشاهد الواحد يجزي في تعديل السر، وإن كان الاختيار اثنين، وقد حمل ذلك بعض الناس على أنه اختلاف من القول وليس بصحيح، وإنما كان تعديل السر أقوى من تعديل العلانية؛ لأن الشاهد قد يسأل التزكية فيستحيي من التوقف عنها، وروي عن ابن شبرمة أنه قال: أنا أول من سأل في السر، كان الشاهد إذا أتى القوم ليزكوه استحيوا منه، وتعديل السر هو أن يبتدئ القاضي بالسؤال عن الشاهد، فيسأل عنه من يظن أنه خبير بحاله من جيرانه وأهل خلطته ومكانه، أو يتخذ رجلا يوليه السؤال عن الشهود فيقبل ما أخبره به وحده، ولا