ومن كتاب العتق وسألته عن رجل ادعى ميراث امرأة، فأنكر ذلك أبوها، وقال: قد كنت طلقتها، وقال الزوج: إنما طلقتها واحدة أو اثنتين، وكانت هي في عدة، وقال الأب: بل طلقتها ثلاثا وأنا على ذلك شاهد، وأتى الزوج بشاهد، قال: الميراث للزوج، ويحلف على ما ادعى من الطلاق.
قلت لابن القاسم: فإن ماتت المرأة وادعى الأب أن العدة قد انقضت ولا ميراث للزوج، وقال الزوج: إنها هلكت في العدة، قال: القول في ذلك قول الزوج، وأرى عليه اليمين أنها إنما ماتت في عدتها.
قلت: أرأيت إن أبى اليمين في كلا الوجهين في العدة والطلاق؟ قال: يحلف الأب ويكون القول قوله.
قال محمد بن رشد: أما إذا اختلفا في عدد الطلاق، فقال الأب: ثلاثا، وقال الزوج: واحدة أو اثنتين، وأقام كل واحد منهما شاهدا على دعواه، فبين أن القول قول الزوج؛ لأنه لما كافأ دليل كل واحد منهما على دعواه دليل صاحبه، سقطا وبقيا على أصل الدعوى، فوجب أن يحلف الزوج؛ لأنه المدعى عليه في إسقاط ما وجب له من الميراث بالعصمة المتيقنة، وكذلك لو أقام كل واحد منهما شاهدين فتكافآ في العدالة، وإن كان الشاهد للأب دون الزوج، لوجب أن يحلف مع شاهده؛ لأنه يستحق بشهادته مالا، وأما إذا اختلفا في انقضاء العدة، فقال: إن القول قول الزوج، ويحلف أنها إنما ماتت في العدة، وهذا إذا اختلفا في وقت الطلاق فقال الزوج: طلقتها في وقت كذا وكذا، إلى ما لا يحاض في مثله ثلاث حيض، وقال الأب: طلقتها منذ كذا وكذا، لما يحاض في مثله ثلاث حيض، ولا اختلاف في هذا؛ لأن الميراث واجب للزوج بالعصمة المتيقنة، فعلى من ادعى ما يسقطه إقامة البينة،